مدونة حسام: قصص

أول مدونة مصرية وعربية تعتمد الألش أسلوب حياة!

Navigation-Menus (Do Not Edit Here!)

Hot

Post Top Ad

‏إظهار الرسائل ذات التسميات قصص. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات قصص. إظهار كافة الرسائل

4 يونيو 2014

قصص رعب مضحكة قصيرة جدا (3)!

يونيو 04, 2014 0
أعرف ملامح وجهي خير المعرفة، لكنها المرة الأولى التي أشاهد فيها هذه الحشرة الغريبة في انعكاسي على المرآة وهي تشق طريقها بإريحية بين بصيلات شعري الخفيف.. "ده قمل ده ولا إيه"؟


أكتسبت قدرة متصاعدة الوتيرة على الكتابة بسرعات خرافية نتيجة أعتيادي على الولوج إلى العديد من غرف الدردشة على الأنترنت، لكن هذه هي المرة الأولى التي تصرخ فيها لوحة المفاتيح معترضة تحت ضربات أصابعي المتتالية "بطل هري ونخع على البنات بقى وقوم ذاكرلك حاجة تنفعك .. عندك امتحان بكرة يا موكوس"!


اشعر باختناق شديد وبألم حارق في عيناي، بينما أواصل في صبر إطلاق الدفقات المتتابعه من ذلك السائل الغازي نفاذ الرائحة أملا في القضاء عليهم جميعا في أسرع وقت ممكن، بينما، ولدهشتي الشديدة، يواصلون السباحة في الهواء بنعومة شديدة وهم يرددون بلا انقطاع "زززززززززززززززززز"


تعرفت إليها في الصف الخامس الإبتدائي، وتبادلنا رسائل الحب في الصف الأول الإعدادي، ثم لقيت حتفها غرقا بطريق الخطأ في ترعة القرية قبيل امتحانات الثانوية العامة بأيام، ويبدو أنني سألحق بها إن لم أوفق في النتيجة النهائية وأحقق حلم والدي في أن أغدو طبيبا "ولا يا سالم.. هي (ج) في السؤال الثاني حلها إيه"؟


أخبرني باسل جاري وصديقي منذ سنوات أن هناك مفاجأة غير متوقعه ستبهرني الليلة، هكذا قصدت منزله متوجسا بعد الثانية عشرة مساء كما أخبرني، لآراه في أسوء حالة ممكنة ممزق الثياب محتقن الوجه وعرق غزير ينساب كأنه شلال من كل مواضع جسده بينما تدوي في الخلفية أغنية لحسين الجسمي لما اتبين من كلماتها إلا "ابن أخوك البورسعيدي والشباب الإسكندراني"!


فيما يخلد الجميع للنوم، ابقى متيقظا وحدي في ظلمات الليل الحالكة، على الضوء الضعيف الصادر من هاتفي النقال، أجلس منعزلا في غرفتي التي يغلفها الصمت.. كاندي كراش اللعينة ترفض عبوري إلى المستوي 59 لليوم الخامس على التوالي.. سحقا!


ماهو المكان الأنسب لإخفاء جثة بهذا الحجم، كيف يمكن نقلها أصلا حيث لفظت أنفاسها الأخيرة إلى حيث يمكن التخلص منها ومن أثارها التي ستجلب الوبال على المنزل بأكمله وبكل قاطنيه "صرصار بن جزمة وهو عايش .. وبيلم نمل لما يموت"!


يرفع عينان غاضبتان بلون الدم إلى صبي القهوة اللحوح، ثم يُخرج مطواة لامعة فيغرسها في قلب الفتى المسكين، ويعاود الجلوس بعد أن مسح الدماء العالقة على النصل بلسانه، فيما تُرفع جثة الفتى إلى غرفة جانبية حيث يتم عصرها وتقديم الدماء ضمن مشروب الكوكتيل الشهير للمكان "واحد كوكتيل تاني يابني، وقول للي بيصب الكوباية ما يزودش عصير بطيخ بدل ما أخليه يحصل الزبون اللي لسه شايلينه ده"

Read More

12 أغسطس 2013

قصص رعب مضحكه قصيرة جدا (2)!

أغسطس 12, 2013 0
لا تخف من الوحوش، بل ابحث عنها. انظر إلى يمينك، إلى يسارك، تحت الفراش، وراء التسريحة، في خزانة الثياب. هاه لقيت حاجة.. يلا بطل هبل بقى وأدخل نام.


احتفل العلماء بأول تجربة ناجحة لتجميد مخلوقٍ بشري إلى درجة حرارة شديدة الانخفاض، لكنه لم يجد أي وسيلة لإخبارهم بأنه محصور يريد الحمام .. فورا.


تساءلَت عن سبب إلقائها ظلَّين لا ظلاًّ واحدًا، ثم انقطع التيار الكهربائي لست ساعات متواصلة وتوقف عقلي عن التفكير من الأساس.


جلسَت على الرَّف بعينين من الپورسلين خاويتين من التعبير وقد ارتدت أجمل فستان دُميةٍ وردي وجدتُه لها. كرمبة الحبيبة سأحميكي من بطش أطفال العائلة حتى لو اضطررت لإلقائهم واحدا واحدا من نوافذ المنزل.


حملق فيَّ الوجه المبتسم من الظلام وراء نافذة غرفة نومي الواقعه في الطابق الرابع عشر، ففركت عيناي وأقسمت على التوقف فورا عن تناول الترامادول والتامول والكونترمال والتراماكس والتيدول.


ثمَّة صورة لي وأنا نائم التقطها أحدهم ووجدتها على هاتفي، لكنني أعيش وحيدًا ولا أمتلك هذا البوكسر الفسفوري.


رأيتُ انعكاسي في المرآة يرمش بعينه ثم ابتسم مغادرًا باتجاه الحمام وهو يتمتم "أعمل حسابي معاك في سندوشت حلاوة".


أعملُ في مناوبة المساء وحدي الليلة، وأرى وجهًا في القبو يُحدِّق في كاميرا المراقبة ثم يدوي صوت متحشرج عبر اللاسلكي يصرخ "أنزل يا حيوان ساعدني المجاري ضربت في البدروم وأنا غرقان لوحدي".


تستيقظَ من نومك، بينما هي لا تفعل ويتردد صوت شخيرها في إرجاء المنزل بلا توقف.


تعودَ إلى بيتك بعد يومٍ طويلٍ من العمل مُستعدًّا للاسترخاء وحدك. تمد يدك إلى مفتاح النور فتدوي الفرقعه المميزة وتنتشر رائحة الشياط "تستاهل.. نام على ضوء الشموع بقى يا فالح".


تسمعَ أمك تناديك من المطبخ، ثم وأنت تنزل السلالم تسمعها تهمس لك من الخزانة المجاورة: «ما تنساش الكبريت يا منيل»


لا أخلدُ للنومِ أبدًا، يخربيت الحشيش.


اعتقدتُ دائمًا أن قطتي لديها مشكلة في النظر، إذ تبدو عيناها طوال الوقت مسلَّطتين على وجهي، إلى أن جاء اليوم الذي أدركتُ فيه أنها لا تنظر لي أنا، بل إلى كوب اللبن الذي أحمله فكان أن القيتها من النافذة توفيرا للنفقات.


زوج العينين الصغيرتين يفوق الطَّلقة الوحيدة في بندقيتي عددًا. دموع التوسُّل تتساقط مني على شعرها الناعم، وأصوِّب البندقية نحو قطتي الصغيرة صارخا "ماهو يا تهشهم عني يا هفرتك دماغك دلوقت".


نظرتُ من النافذة إلى السماء فوجدتُ أن النجوم تلعب الحجلة.


تسمعَ الصرخة تُدوِّي عبر الردهة، لكنك عاجزٌ عن التحرك قبل أن يُطلق الحكم صافرة نهاية الشوط الأول.


صعدَت إلى الطابق العلوي لتتفقَّد رضيعها النائم، فوجدت النافذة مفتوحةً والفراش خاليًا، ورائحة عفنة مميزة تنبعث من الركن المواجه لخزانة الألعاب.


بعد يومٍ من العمل المُرهِق أعود إلى البيت لأجد صاحبتي تُهَدهِد طفلتها التي تُصر على أنها ابنتي في مهدها. لا أدري أيهما أثار فيَّ الرعب أكثر؛ رؤية صاحبتي منكوشة الشعر رثة الثياب وطفلتها برائحة العفن المنبعثة منها، أم مخزون الشهر من الطعام مبعثر أمامهما وقد نفذ معظمه ولم يبق إلا الفُتات.
Read More

6 أغسطس 2013

قصص رعب مضحكة قصيرة جدا!

أغسطس 06, 2013 1
قال الطبيب للمريض صاحب اليد المبتورة إنه قد يختبر إحساسًا اسمه "الطَّرف الشبحي" بين الحين والآخر. على أن أحدًا لم يجعله يستعد لتلك اللحظات التي يرى فيها ذلك الطّرف يعبث بسرواله باحثًا عن عملاته النقدية التي يدخرها لشراء الآيس كريم!


أضعه في الفراش وأغطِّيه، فيقول لي: «ابحث عن الوحش تحت الفراش أنا أسمعه» فأنظر تحت الفراش لأجاريه، وهناك أراه هو متدليا برأسه من الطرف الآخر يُحملق فيَّ ساخرا: «بتعمل إيه يا أهبل.. قوم نيمني، ورايا مدرسة الصبح بدري.»


لا يمكنني أن أتحرَّك أو أتنفَّس أو أتكلَّم أو أسمع، والظلام سائدٌ طوال الوقت. لو كنت أعرف أن عملية انقطاع التيار الكهربائي ستتواصل لليوم السابع على التوازي، لأشتريت الكشاف الأحتياطي ذي الجنيهات العشرة الذي يبيعونه قصرا في عربات المترو.


ثمة يقين كامل داخلي على أنني لست وحدي الذي يشغل فراغ المنزل في الوقت الراهن، ربما لا تزعجني تلك الأصوات الخافتة المتعاقبة بقدر ما يثير رعبي أن المح أشياء تهرول عدو هنا وهناك في لمحات خاطفة.. مهلاً.. هل هو الـ...؟، شيت.. نسيت نافذة المطبخ مفتوحة، والآن علي قضاء ليلة ليلاء مع ذلك الفأر الصغير المزعج.. مجددا.


تحتشد حبات من عرق غزير بارد على جبهتي، بينما أُناضل حرفيا لأستنشاق الهواء في تلك الحجرة الضيقة شديدة الإعتام، محاولا قدر المستطاع ألا يصدر عني أي صوت قد يرشده إلى مخبأي ويكشف له أمري.. سحقا لتك اللعبة السخيفة.. أنا أكره الأستُغماية!


في الظلام الدامس، وبينما كل أهل البيت نيام، أتسلل على أطراف أصابعي مستعينا بكشاف هاتفي المحمول ضعيف الإضاءة، متحاشيا الأصطدام بالحوائط ومتجاوزا لعقبات متتالية من قطع الأثاث وضعت عمدا لمنعي من الوصول إلى المطبخ حيث تستقر بأحجامها المختلفة وأشكالها المتعددة سكاكين الطعام الحادة والمشرشرة.. الآن يمكنني التهام ثمرتي مانجو كاملتين دون أن تتسخ ملابسي!


قال لي وهو ينحني للمرة العاشرة متفاديا سهم حارق "ولاد الـ... دول مش هيتهدوا إلا لما يخلصوا علينا"، نظرة إلى حيث يختبئون بملابسهم المزكرشة وأقنعتهم المرعبة وأسلحتهم التي لا تنفذ ذخيرتها أدركت معها صدق ما يقول، ثم أنني القيت نظرة سريعة على سلاحي الوحيد القابع في راحة يدي فانتابني الفزع وهببت مهرولا من مخبئي بينما صوته يدوي من خلفي "رايح فين يابن الـ... يا جبان"، لكنني لم أعره انتباه ولم أحفل بالسباب الذي أعتدت عليه يتساقط من بين شفتيه، موقنا أن طريق نجاتي ونجاته الوحيد هو إعادة مِلأ خزان مسدس المياه خاصتي وقد شارف على الأنتهاء!


قال لي وهو يلوك قطعة كبيرة من "الخيار" أن كل ما يُحيط بنا هو أحد أمرين لا ثالث لهما، إما خدعة سينمائية محكمة يتم تنفيذها لغرض ما لا يعرفه إلا عُلية القوم في هذا البلد، أو أننا نعيش حلم طويل جدا لا تبدو نهايته وشيكة، ثم أنه القى بالجزء المتبقى من "الخيارة" في فمه مصدرا جلبة غريبة في محاولة مستميتة للسيطرة على تلك القطعه هائلة الحجم، وإشار إلى قطة على الجانب الآخر من الطريق لم تتحرك من جلستها منذ ما يزيد على الساعة "تراهن أن القطة دي تبعهم"!
Read More

9 يونيو 2013

عزيزي البطل الخارق "سوبر بندق"!!

يونيو 09, 2013 0
نزلت متأخر على ميعاد الشغل كالعادة، بقالي أكثر من أسبوعين مش عارف أصحى بدري، ورغم أني بضبط منبه التليفون، وبيقعد يزغرط جمب وداني بالربع الساعة، إلا أني برضوا بنزل متأخر.

أول ما حطيت رجلي بره باب البيت أصطدمت بالواقع المؤلم .. درجة حرارة فوق الخمسين، ومش عارف ليه بيكدبوا علينا كل يوم في نشرة الأخبار ويقنعونا انها 37، ده غير التراب والرطوبة اللي تخنق، وكأن الواحد بينزل من بيتهم كل يوم عشان يتمرمط في الجو الغريب ده.

مشيت لآخر الشارع عشان اركب الميكروباص، لقيت ناس ماشية طوابير على غير العادة، فعرفت على طول أن في مشكلة ما في مترو الأنفاق، وده عيب أنك تبقى ساكن جمب المترو، لأنه ساعة ما بيعطل الحياة بتتوقف بالمعنى الحرفي للكلمة، والدنيا بتبقى زحمة فشخ.

نص ساعة يا مؤمن، ومفيش كلب من سواقين الميكروباصت عاوز يقف للناس اللي دماغها ابتدت تسيح فعليا من شدة الحرارة، لحد ما ربنا كرم بواحد متعرفش لسه صاحي ولا معندوش خبرة الأستغلال والجشع لقيناه بينادي بعلو صوته فتكالبت الجموع على عربيته للظفر بكرسي أو حتى رجل ع الواقف.

بس عشان احنا طيبين بزيادة، الراجل ما رضاش يكسفنا وطلع خبرة، العربية بدل ما بتشيل ثلاثة في كل صف بقوا خمسة، والآجرة بقت بـ 2 جنيه بدل جنيه واللي مش عاجبه ينزل يترمي في الشارع.

الحقيقة الراجل كثر خيره وعداه العيب، بس اللي كان صعب يستحمله أي حيوان عنده احساس في الموقف ده، أنك تبقى قاعد مزنوق في الحر الرهيب ده مع ناس 95% منهم ميعرفش يعني إيه صابونة، وغالبا ما بيستحماش غير م العيد للعيد، ده إذا كان بيستحمى أصلا.

فضلت طول السكة بتنفس بحساب عشان ما اسحبش ريحة مش ولابد، لحد ما كان هيغمى عليا من نقص الأوكسجين، ولولا أني كنت متأخر ومينفعش أغيب كنت رجعت نمت في بيتنا، بس لأن الأنسان دعيف بطبعه، وفي لحظة معينة بتنهار فيها مقاومتك، مكنش ينفع استحمل بزيادة وكان لازم اتصرف مع العالم المعفنة دي.

في فترة الطفولة ولحد ما بقى عندي 15 سنة تقريبا، وزي أي طفل بيحترم نفسه، كانت شخصيات ميكي جيب بتمثل حاجة كبيرة جدا عندي، ولأن الأطفال في السن الصغير ده بتتعلق بالكاركترات الكوميدية زي سبونج بوب اليومين دول، أو الأبطال الخارقين، كان عندي ولع شديد جدا بشخصية البطل الرهيب سوبر بندق اللي بيقاوم الجريمة في مدينة البط.

أصلا بندق كان شخصية Pure فحت، لا بيعرف يداري ولا ليه في اللوع، فكان طبيعي أن أنا وغيري يبقى هو الـ Idol بتاعنا، وكان منطقى جدا أنه أول حاجة تيجي على بالي في الموقف المهبب ده، ياترى كان هيعمل إيه؟

يقلب العربية في بلاعة المجاري بعد ما يطلعني منها، ولا يقلعهم هدومهم الغرقانة عرق ويأكلهلهم بالعافية، ولا يعاقبهم ويحميهم بميه سخنة مغلية مدوبين فيها بُتاس، ولا يخلي لجنة بآمين شرطة مايساوش ثلاثة تعريفة يلمهم كلهم ويرميهم في حجز معفن لحد ما يبنالهم صاحب.

فضلت اتخيل كتير جدا في رد الفعل المناسب لسوبر بندق مع العالم الزبالة دي، لحد ما وصلت محطتي ونزلت وأنا كلي آمل أني أعرف في يوم من الأيام هو مخبي الفول السحري في أنهي داهية!.

لمعلوماتك:
سوبر بندق (Super Goofy) هو شخصية كرتونية سرية خارقة لبندق صديق ميكي الأقرب ورفيقه في معظم مغامراته، والذي يتحول إلى بطل خارق يمكنه الطيران وحمل الأثقال والرؤية عبر الأبواب والحوائط عندما يتناول حبات الفول السوداني السحرية العجيبة التي تنمو في حديقة منزله.

يرتدي سوبر بندق زي أحمر من قطعه واحدة أشبه بأزياء الأطفال الرضع، مع حرملة زرقاء!!.

يتبع....

Read More

2 يوليو 2012

قصة نملة !!

يوليو 02, 2012
كل يوم تتجه نملة صغيرة إلى مقر عملها بكل جهد ونشاط، وتبدأ باكرا قبل الجميع، حيث كانت تنتج بكل سعادة وعطاء.

استغرب الأسد (المسئول) من كفائة النملة التي كانت تعمل دون إشراف، وفكر بما أن النملة تعمل بهذه الطاقة دون توجيه، فكيف سيكون عملها في حالة وجود مشرف متخصص.

وهكذا اتخذ الأسد قرار بتوظيف صرصار لديه خبرة في الإشراف وكتابة التقرير، فكان أول قرار للصرصار (المدير) هو وضع نظام صارم للحضور والانصراف، لكنه فوجيء بحاجته لتوظيف سكرتارية لكتابة التقرير وغيرها، فقرر تعيين عنكبوت (مساعد) لشئون الإدارة والأرشيف ومراقبة المكالمات الهاتفية.

ابتهج الأسد بتقارير الصرصار، وطلب منه تطوير التقارير اكثر لتشتمل على رسوم بيانية توضح وتحلل المعطيات بعمق اكثر لعرضها في اجتماع مجلس الإدارة، فقام الصرصار بشراء جهاز كمبيوتر وطابعة ليزر وبعض الأدوات المكتبية، بالإضافة إلى تعيين ذبابة للإشراف على قسم انظمة المعلومات.

النملة التي كانت تنتج وتطور ادائها بحرية كرهت كثرة الورق في النظام الجديد والاجتماعات المستمرة المتتالية التي كانت تضيع وقتها.

هنا شعر الأسد بوجود مشكلة وقرر تغيير آلية العمل في القسم بتعيين جرادة لديها خبرة سابقة في التطوير الإداري، فكان أول قرار اتخذته الجرادة هو شراء أثاث وسجاد جديد لتحسين راحة الموظفين، بالإضافة إلى شراء جهاز كمبيوتر وتعيين مساعد شخصي كان يعمل معها ف السابق لمساعدتها على وضع الأستراتيجيات التطويرية وتقنين الميزانية.

القسم الذي كانت تعمل به النملة وحدها صار مزدحما حزينا لا يوجد فيه مكان للضحك والإحباط صار مسيطرا على كل الوجوه، فتقدم الصرصار باقتراح للأسد لدراسة البيئة العامة للعمل في محاولة لإستعادة الروح التي كانت تميز المكان.

وبعد مراجعة تكلفة التشغيل وجد الأسد أن التكلفة السابقة أقل بكثير جدا من التكلفة الحالية وأن القسم لم يعد يدر أرباحا كالسابق، ومن الضروري تقليص النفقات بإي شكل، فقام بتعيين بومة كمستشار إداري ومدقق داخلي للعثور على حل مناسب للمشكلة.

وبعد دراسة دامت ثلاثة أشهر، قامت البومة برفع تقرير مطول منتفخ الأوراق كانت ابرز نتائجه أن القسم يعاني من تضخم غير مقبول في عدد الموظفين لا يتناسب وحجم الإنفاق والعائد الذي يدره، فاتخذ الأسد قرار فوري بفصل النملة لسلبيتها وتقصيرها في مهامها الوظيفية !!

Read More

18 يناير 2012

في انتظار الحبيب..!!

يناير 18, 2012
أيام قلائل وتحتفل بمرور عام كامل على فراق الحبيب، احتفال يُعيد لها ذكريات اللقاء وساعات الود، وأيام الحزن التي ذرفت فيها الدموع على فراقه ومواراته التراب.

عاشت لثلاثة عقود متتالية منكسرة.. مطأطأة الرأس تبحث عمن يمد إليها يد العون، ينتشلها من بين الأنياب والمخالب الشيطانية.. حتى ظهر هو.

تماما كما الأساطير وقصص الجدات التي كانت تسمعها وهي بعد صغيرة، على حصان أبيض.. مجنح، برز من عدم وكأنه خلق في التو واللحظة.. يحمل سيفا من إصرار وترتج السماء بهتافاته المتتالية.

حارب وانتصر.. ثم حاصرته المكائد والخدع.. فسقط.

ذهب الحبيب.. سقط مضرجا في دمائه من أجلها.

كان الحبيب هو الأول، لكنه لن يكون الأخير.. فلمصر ملايين الأحبة، وهم على استعادتها بسيوف إصرارهم قادمون.



هذه التدوينة ضمن حملة دون لصورة على الفيس بوك
Read More

2 يناير 2012

قلوب طيبة

يناير 02, 2012
في حفل عشاء مخصص لجمع التبرعات لمدرسة للأطفال ذوي الإعاقة، قام والد أحد التلاميذ وألقى كلمة لن ينساها أحد من الحضور ما دام حيا :

وبعد أن شكر المدرسة والمسئولين عنها طرح السؤال التالي:
حين لا تتأثر الطبيعة بعوامل خارجية فإن كل ما يأتي منها يكون عين الكمال والإتقان.

لكن ابني "!!!!" لا يمكنه أن يتعلم الأشياء بنفس الطريقة التي يتعلمها بها الأطفال الأخرون الذين لا يعانون من الإعاقة، فلا يمكنه فهم الموضوعات التي يفهموها فأين النظام المتقن في الكون فيما يتعلق بابني؟ ... وبهت الحاضرون ولم يجدوا جواباً.

وأكمل الأب حديثه: أعتقد أنه حين يقدم إلى الدنيا طفل مثل ابني يعاني من عجز في قدراته الجسمانية والعقلية، فإنها تكون فرصة لتحقيق مدى الروعة والاتقان في الطبيعة البشرية، ويتجلى هذا في الطريقة التي يعامل بها الآخرون من هم في نفس ظروف ابني

ثم قص علينا القصة التالية:
مررت أنا وابني بملعب حيث كان عدد من الأولاد الذين يعرفون ابني يلعبون لعبة البيسبول ، وسألني ابني "هل تعتقد أنهم سوف يسمحون لي باللعب؟ وكنت أعلم أن أغلب الأولاد لن يرغبوا في وجود شخص معاق مثل ابني في فريقهم. ولكني كأب كنت أعلم أنه إن سمحوا لابني باللعب، فإن ذلك سوف يمنحه الإحساس بالانتماء وبعض الثقة في أن الأولاد الآخرين يتقبلوه رغم اعاقته.

واقتربت متردداً من أحد الأولاد في الملعب وسألته (ولم أكن اتوقع منه الكثير)، إن كان يمكن لابني أن يلعب معهم. ودار الولد ببصره، ثم قال نحن نخسر بست جولات، واللعبة في دورتها الثامنة أعتقد أننا يمكن أن ندخله في الدورة التاسعة ونعطيه المضرب.
وتهادى ابني "!!!!" بمشيته المعوقة إلى دكة الفريق، ولبس فانلة الفريق بابتسامة واسعة على وجهه وراقبته بدمعة فرح رقيقة والشعور بالدفء يملأ قلبي ورأى الأولاد مدى فرحي بقبولهم لابني وتحسن وضع فريق ابني خلال الجولة الثامنة ولكن بقي الخصم متفوقاً عليهم بثلاثة جولات.

ومع بدء الجولة التاسعة اعطوا ابني قفازاً ولعب في أيمن الملعب، ورغم أن الكرة لم تأت عنده إلا أن سعادته وحماسه كانا واضحين لمجرد وجوده باللعبة واتسعت ابتسامته لأقصى حد وأنا ألوّح له من وسط المشجعين.

وأحرز فريق ابني نقاط إضافية وتقلص الفارق إلى نقطتين، مما جعل الفوز ممكنا وكان الدور على ابني ليمسك بالمضرب، فهل تتوقعوا أن يعطوه المضرب ويضيعوا فرصتهم في الفوز؟

لدهشتي أعطوه المضرب، رغم أن الكل يعرف أنه من المستحيل أن يحرز نقاط الفوز، حيث انه لا يمكنه حتى أن يمسك المضرب بصورة سليمة، ويكاد يستحيل عليه ضرب الكرة بصورة متقنة ولكن مع تقدمه لدائرة اللعب وإدراك لاعب الخصم أن فريق ابني يضحي بالفوز لهدف أسمى، وهو إسعاد وإثراء حياة ابني بهذه اللحظة التي لا تتكرر، قدم مفاجأة أكبر فتقدم عدة خطوات وألقى الكرة برفق لابني حتى يتمكن على الأقل من لمسها بمضربه... وحاول ابني ضرب الكرة ولكنه لحركته المعاقة فشل وخطا مدافع الخصم خطوات اضافية مقترباً من ابني ورمى الكرة برفق بالغ نحو ابني وضرب ابني الكرة بضعف وردها لخصمه الذي تلقفها بسهولة وتوقعنا أن هذه نهاية المباراة.

وتلقف المدافع من الفريق الخصم الكرة بطيئة الحركة وكان يمكنه أن يمررها لزميله في النقطة الأولى وكان ذلك سيجعل ابني يخرج من المباراة التي تنتهي بهزيمة فريقه وبدلاً من ذلك رمى المدافع الكرة فوق رأس زميله بعيداً عما يمكن أن يطوله أي من أعضاء فريقه... وبدأ الكل يصيح مشجعاً من مشجعي الفريقين ومن لاعبي الفريقين : اجر يا "وينادون ابني" اجر إلى النقطة الاولى ....وكانت هذه أبعد مسافة يجريها ابني، واستطاع بصعوبة أن يصل للنقطة الأولى ....وترنح في طريقه على خط الملعب، وعيناه واسعتين حماساً وارتباكاً ....وصرخ كل من كان في الملعب اجري إلى النقطة الثانية ....ووصل ابني إلى النقطة الثانية لأن لاعب الخصم بدلاً من أن يعوقه كان يعدل اتجاهه بحيث يصل للنقطة الثانية وهو يشجعه هيا اتجه للنقطة الثانية !

وكان الجميع يصرخون اركض اركض يابطل اركض حتى النقطة الثالثة ... والتقط ابني أنفاسه وجرى بطريقته المرتبكة نحو النقطة الثالثة ووجهه يشع بالأمل أن يواصل طريقه حتى يحقق لفريقه النقطة الكبرى.

وحين اقترب ابني من النقطة الثالثة كانت الكرة مع أحد لاعبي الخصم وكان أصغر عضو في الفريق ولديه الآن في مواجهة ابني الفرصة الأولى السهلة ليكون بطل فريقه بسهولة ويلقي بالكرة لزميله ولكنه فهم نوايا زميله المدافع فقام بدوره بإلقاء الكرة عالياً بحيث تخطت زميله المدافع عن النقطة الثالثة وجرى ابني نحو النقطة الثالثة وهو يترنح في حين أحاطه الآخرون راسمين له الطريق إلى نقطة الفوز ... وكان الجميع يصرخون اجري اجري يابطل حتى النهاية ؟
وبعد ان تخطى الثالثة وقف المتفرجين حماساً وطالبوه بأن يجري للنقطة الرابعة التي بدأ منها!

وجرى ابني حتى النقطة الرابعة التي بدأ منها وداس على الموقع المحدد وحياه كل الحضور باعتباره البطل الذي أحرز النقطة الكبرى وفاز لفريقه بالمباراة ...في ذلك اليوم، أضاف الأب والدموع تنساب على وجنتيه ساعد الفتيان من كلا الفريقين في إضافة قبسة نور من الحب الصادق والإنسانية إلى هذا العالم.

ولم ير ابني الصيف التالي، حيث وافاه الأجل في ذلك الشتاء، ولكن لم ينس حتى آخر يوم في حياته أنه كان بطل المباراة مما ملأني بالفرح وبعد أن رأيته يعود للمنزل وتتلقاه أمه بالأحضان والدموع في عينيها فرحة بالبطل الرياضي لذلك اليوم!

كل منا يستطيع أن يصنع الفارق في حياة شخص يحتاجنا .. كل منا يستطيع رسم الابتسامة لكن في حال كانت لدينا قلوب طيبة حقاً!

(منقول)
Read More

21 نوفمبر 2011

ماذا تفعل يا تنين؟!!

نوفمبر 21, 2011
يُحكى أنه كان ياما كان في سالف العصر والآوان، أيام الأساطير والقصص الخرافية التي لا أصل لها، كان هناك شاب فقير مُعدم يبحث عن قوت يومه في قرية يحكمها تنين شرس ملعون لا يتورع عن مهاجمة البيوت وقطعان الأغنام لكي يشبع هو وحده ويجوع الشعب الغلبان.


خرج الشاب في أحد الأيام يبحث كالعادة عن شيء يأكله، فالتقى في الطريق بصديق لم يره من مدة، تعانق الصديقان وحكى كل منهما للآخر عن أحواله وما فعلت به الأيام، وللمصادفة البحتة أدرك كل منهما أن الحظ العاثر قد أصابهما وأن الدنيا عنهما قد أدارت وجهها.

فكر الصديقان أن الوقت قد حان للتغيير، وما عاد الوضع يحتمل بقاء التنين، فاتجها بفورة الحماس إلى السوق الكبير.. حيث يتجمع أهل القرية، وأخذا يحثان الناس على الثورة ونفض غبار الذل والأمتهان.

وللعجب.. نجحت جهودهما وأستيقظ مارد الغضب داخل النفوس.. وسقط أعوان التنين تباعا كالناموس، وتنفست القرية للمرة الأولى هواء الحرية.. ظنا منهم أن الأيام السوداء قد ولت وأنتهت.. وما عاد للتنين من ظهور.

لكن فجأة عاد الملعون.. ليس على هيئته الأولى البشعة.. عاد وقد غطى وجهه بمساحيق والوان خدعت من أهل القرية من يمكن تصنيفه في خانة غلبان.

لم يفطن معظم أهل القرية للخدعة والحيلة، وبأيديهم أعطوا التنين مفاتيح القرية.. ظنا منهم أن المتلون أصلح من يحكم ويسيس قرية عاشت خاضعة للذل عقود.

أنت مخادع وغد.. لكن من أعطاك.. قادر بيديه وبإذن المولى أن يأخذ ما منحك أياه.. هل تسمع يا ملعون.. هل ترى وتعتبر.. أم ستظل على الكبر وعناد الحمقى رابض لا تتزحزح حتى تأتيك الموجة، وعلى ظهرك تسقط أرضا منتظرا سكين الرحمة.!!
Read More

11 أكتوبر 2011

العلم ف الراس..!!

أكتوبر 11, 2011
في امتحان الفيزياء بإحدى الدول الأوروبية جاء أحد الأسئلة كالتالي: كيف تحدد ارتفاع ناطحة سحاب باستخدام الباروميتر (جهاز قياس الضغط الجوي)؟، وكانت الاجابة الصحيحة بقياس الفرق بين الضغط الجوي على سطح الارض وعلى سطح ناطحة السحاب.

إحدى الاجابات استفزت أستاذ الفيزياء وجعلته يقرر رسوب صاحب الاجابة دون قراءة باقي إجاباته على الاسئلة الاخرى.

الاجابة المستفزة كانت: أربط الباروميتر بحبل طويل وأدلي الخيط من أعلى ناطحة السحاب حتى يمس الأرض، ثم أقيس طول الخيط.

غضب أستاذ المادة كان لأن الطالب قاس ارتفاع الناطحة بأسلوب بدائي ليس له علاقة بالباروميتر أو بالفيزياء.

بعد ظهور نتيجة الامتحان تظلم الطالب مؤكدا أن إجابته صحيحة 100%، وحسب قوانين الجامعة تم تعيين خبير للبت في القضية، وأفاد تقرير الحكم بأن إجابة الطالب صحيحة لكنها لا تدل على معرفته بمادة الفيزياء، فتقرر إعطاء الطالب فرصة أخرى لاثبات معرفته العلمية بوضعه في اختبار شفهي.

وفي اليوم المحدد طرح الحكم نفس السؤال شفهيا، وجاءت إجابة الطالب: لدي إجابات كثيرة لقياس ارتفاع الناطحة ولا أدري أيها أختار، فقال الحكم: هات كل ما عندك

أجاب الطالب:
- يمكن إلقاء الباروميتر من أعلى ناطحة السحاب على الارض، ويقاس الزمن الذي يستغرقه حتى يصل إلى الارض، وبالتالي يمكن حساب ارتفاع الناطحة باستخدام قانون الجاذبية الارضية.

- اذا كانت الشمس مشرقة، يمكن قياس طول ظل الباروميتر وطول ظل ناطحة السحاب فنعرف ارتفاع الناطحة من قانون التناسب بين الطولين وبين الظلين.

- إذا اردنا حلا سريعا يريح عقولنا، فإن أفضل طريقة لقياس ارتفاع الناطحة هي أن نقول لحارس الناطحة "ساعطيك هذا الباروميتر الجديد هدية إذا قلت لي كم يبلغ ارتفاع هذه الناطحة"؟

- أما إذا أردنا تعقيد الامور فسنحسب ارتفاع الناطحة بواسطة الفرق بين الضغط الجوي على سطح الارض وأعلى ناطحة السحاب باستخدام الباروميتر.

كان الحكم ينتظر الاجابة الرابعة التي تدل على فهم الطالب لمادة الفيزياء، بينما الطالب يعتقد أن الاجابة الرابعة هي أسوأ الاجابات لانها أصعبها وأكثرها تعقيدا.

جدير بالذكر أن هذا الطالب هو "نيلز بور niels bohr" وهو لم ينجح فقط في مادة الفيزياء، بل إنه الدانمركي الوحيد الذي حاز على جائزة نوبل في الفيزياء!!.

(منقول)
Read More

18 سبتمبر 2011

تألم.. لكي تتعلم!!

سبتمبر 18, 2011
يُحكى أن.. كان هناك قلمينِ صديقينِ، ولأنّهما لمْ يُبريا كانَ لهمَا نفسُ الطّولِ

مل أحد القلمين ملَ حياةَ الصّمتِ والسّلبيّةِ فتقدّمَ طالبا من المبراةِ أن تبريـَه، بينما أحجمَ صديقه خوفاً منَ الألمِ، وحفاظاً على مظهرِهِ!!

غابَ القلم المبري مدَّةً منَ الزَّمنِ ثم عادَ قصيراً غريب الشكل، ولكنَّه أصبحَ حكيماً

رآه صديقُهُ الطّويلُ الرّشيقُ فلمْ يعرفْهُ ولمْ يستطِعْ أنْ يتحدّثَ إليهِ، فبادرَهُ صديقُهُ بالتّعريفِ عنْ نفسِهِ

تعجّبَ القلمُ الطّويلُ وبدتْ عليْهِ علاماتُ السّخريةِ من قِصَرِ صديقِهِ وغرابة مظهره، لكن الصديق القصير لمْ يأبهِ بالسخريةِ ومضى يحدِّثُ صديقه عمّ تعلّمَ طوال فترةَ غيابِهِ وهو يكتبُ ويخطُّ كلماتِ ويتعلّمُ من الحكمِ والمعارفِ والفنونِ.

انهمرتْ دموعُ النّدمِ منْ عَيْنَيْ صديقِهِ القلمِ الطّويلِ وما كان منْهُ إلّا أنْ تقدّمَ من المبراةِ لتبريَه، طمعا في كسرَ حاجزِ صمتِهِ وسلبيّتِهِ بعدَ أنْ عَلِمَ أنَّ من أرادَ أنْ يتعلّم لابدّ أن يتألّم.

(منقول)
Read More

14 أغسطس 2011

اعرف عدوك!

أغسطس 14, 2011

في اول يوم دراسي بمدرسة امريكية انضم الى الفصل طالب جديد اسمه "سوزوكي" ابن رجل اعمال ياباني

تسئل المدرسة: دعونا نبدأ اليوم بمراجعة شيء من التاريخ الامريكي

من قال "اعطني الحرية او اعطني الموت؟"

خيم الوجوم على الطلاب، وتطلعت المدرسه في بحر من الوجوه الفارغة عدا سوزوكي الذي رفع يده وقال "باتريك هنري 1775"

قالت المدرسة: "عظيم!"، ثم تابعت

من قال "حكومة الشعب بالشعب وللشعب لن تنتهي في هذه الارض"

مرة اخرى لم يكن هناك استجابة سوى من سوزوكي: "ابراهام لنكولن 1863"

وبخت المدرسة الفصل قائلة: ايها الطلاب يجب ان تخجلوا سوزوكي وهو جديد في هذه البلاد يعرف عن تاريخها اكثر منكم أنتم أبنائها

وهنا سمعت شخصا يهمس: " اللعنة على اليابانيين"

فصاحت بحزم: "من قال هذا؟"

رفع سوزوكي يده وقال: "لي ايوكوكا 1982"

وهنا قال طالب يجلس في الخلف: "سوف اتقيأ"

غضبت المدرسة وصرخت: "حسنا ومن قال هذا؟"

اجاب سوزوكي بتلقائية: "جورج بوش لرئيس الوزراء الياباني 1991"

صاح طالب آخر غاضبا: "حقا؟ سأكسر أسنانك!"

مرة آخرى أندفع سوزوكي ملوحا بيده وصائحا بأعلى صوت: "بيل كلنتون مخاطبا مونيكا ليونسكي 1997"

ازداد هياج الطلاب وأصابتهم هستيريا وصرخ أحدهم متوعدا: "ايها القذر الحقير.. اذا قلت شيء آخر ساقتلك"

لكن سوزوكي الذي غلفته الحماسة لم ينتبه للتهديد وأندفع مكملا: "جاري كوندت مخاطبا شاندرا ليفي 2001"

أغمي على المدرسة، وتجمهر الطلاب حولها وغمغم احدهم: "ياللجحيم.. اننا في ورطة!"

ابتسم سوزوكي وهو يعاود الجلوس في مقعده: "الامريكان في العراق من 2004 حتى الآن"!!

(منقول)
Read More

11 أغسطس 2011

إقرأ.. وتعلم!!

أغسطس 11, 2011
تعتبر القصص والحكايات هي أكثر ما يرسخ في الأذهان، لما ترتبط به أحداثها في العادة من وقائع تتوافق مع حياة البشر وطبائعهم المختلفة.. ولنا في قصص القرآن الكريم الموعظة والهداية، حيث أنزل الله كتابه الكريم ليقص على نبيه محمد أنباء من سبقوه، ومن سيأتون بعده.. لعلنا نقرأ.. ونتعلم.

الرجل المجادل:
في يوم من الأيام ذهب أحد المجادلين إلى الإمام الشافعي عليه رحمة الله، وقال له: كيف يكون إبليس مخلوقا من النار، ويعذبه الله بالنار؟.

فكر الإمام الشافعى قليلاً، ثم أحضر قطعة من الطين الجاف، وقذف بها الرجل، فظهرت على وجهه علامات الألم والغضب. فقال له الشافعي: هل أوجعتك؟، رد الرجل: نعم، أوجعتني، فقال الشافعي: كيف تكون مخلوقا من الطين ويوجعك الطين؟!.

صمت الرجل وعجز عن الرد بعد أن فهم ما قصده الإمام الشافعي، وأدرك أن الشيطان كذلك: خلقه الله تعالى من نار وسوف يعذبه بالنار.

القارب العجيب:
تحدى أحد الملحدين الذين لا يؤمنون بالله علماء المسلمين في أحد البلاد، فاختاروا أذكاهم ليرد عليه، وحددوا لذلك موعدا، وفي الموعد المحدد ترقب الجميع وصول العالم، لكنه تأخر.

قال الملحد للحاضرين: لقد هرب عالمكم وخاف، لأنه علم أني سأنتصر عليه، وأثبت لكم أن الكون ليس له إله!، وأثناء كلامه حضر العالم المسلم واعتذر عن تأخره، تم قال: وأنا في الطريق إلى هنا، لم أجد قاربا أعبر به النهر، وانتظرت على الشاطئ، وفجأة ظهرت في النهر ألواح من الخشب، وتجمعت مع بعضها بسرعة ونظام حتى أصبحت قاربا، ثم اقترب القارب مني، فركبته وجئت إليكم!!.

نظر الملحد إلى العالم مندهشا وقال: إن هذا الرجل مجنون، فكيف يتجمح الخشب ويصبح قاربا دون أن يصنعه أحد، وكيف يتحرك دون من يحركه؟!، فتبسم العالم، وقال: فماذا تقول عن نفسك وأنت تقول إن هذا الكون العظيم الكبير بلا إله؟!

العاطس الساهي:
كان عبد الله بن المبارك عابدا مجتهدا، وعالما بالقرآن والسنة، يحضر مجلسه كثير من الناس ليتعلموا من علمه الغزير.

في يوم من الأيام، كان يسير مع رجل في الطريق، فعطس الرجل ولكنه لم يحمد الله، فنظر إليه ابن المبارك ليلفت نظره إلى أن حمد الله بعد العطس سنة على كل مسلم أن يحافظ عليها.

لم ينتبه الرجل فأراد ابن المبارك أن يجعله يعمل بهذه السنة دون أن يحرجه، فسأله: أي شىء يقول العاطس إذا عطس؟ فقال الرجل: الحمد لله، عندئذ قال له ابن المبارك: يرحمك الله.
Read More

في بيتنا باب!!

أغسطس 11, 2011
كانت هناك حجرة صغيرة فوق سطح أحد المنازل عاشت فيها أرملة فقيرة مع طفلها الصغير حياة متواضعة في ظروف صعبة، وبرغم ذلك كانت هذه الأسرة الصغيرة تتميز بنعمة الرضا وتملك القناعة التي هي كنز لا يفنى.

لكن أكثر ما كان يزعج الأم هو سقوط الأمطار في فصل الشتاء، فالغرفة عبارة عن أربعة جدران وبها باب خشبي، لكنها بلا سقف!.

وخلال أربع سنوات من عمر الطفل لم تتعرض المدينة إلا لزخات قليلة وضعيفة من المطر، إلا أنه ذات يوم تجمعت الغيوم وأمتلئت سماء المدينة بالسحب الداكنة.

ومع ساعات الليل الأولى هطل المطر بغزارة شديدة فاحتمى الجميع في منازلهم، بينما الأرملة المسكينة وطفلها الصغير يواجهان موقفا عصيبا.

نظر الطفل إلى أمه نظرة حائرة واندسّ في أحضانها، لكن جسد الأم مع ثيابها كانا غارقين في البلل.

أسرعت الأم إلى باب الغرفة فخلعته ووضعته مائلاً على أحد الجدران، وأختبئت وطفلها خلف الباب ليحتميا من سيل المطر المنهمر.

نظر الطفل إلى أمه في سعادة بريئة وقد علت وجهه ابتسامة الرضا وقال: ماذا يا ترى يفعل الناس الفقراء الذين ليس عندهم باب حين يسقط عليهم المطر؟!!

لقد أحس الصغير في هذه اللحظة أنه ينتمي إلى طبقة الأثرياء، فقط لأن في بيتهم باب!!

هذه القصة المؤلمة هي أبسط ما يمكن أن يعبر عن الحال الذي تمر به دولة الصومال وأبنائها في الوقت الراهن، المجاعة تفتك بالأطفال، والأمهات لا حول لهن ولا قوة.. ساهم في إنقاذ مسكين يشفع لك في يوم الحساب حيث لا جليس ولا أنيس ولا ولد.
Read More

15 يونيو 2011

في منزلي عونكبوت!!

يونيو 15, 2011
لا أطيق الغبار أو الأتربة، أعشق النظافة والنظام، ولا يمكنك أن ترى غرض أي كان حجمه في غير موضعه.. لن تعثر على بقايا طعام في الأرض، ولن تجد المطبخ ملوث برائحة الطهي، حتى النعال والأحذية التي أرتديتها ستجدها هناك مرتبة ومنمقة وكأنني أبتعتها لتوي، وبرغم كل هذا وجدته بالمصادفة البحتة يتحرك هابطا من سقف المكتبة إلى أرضية الغرفة!!.

يمكنك ببساطة أن تتخيل حالة الهستريا التي أصابتني فور رؤيته، لا سيما وأنا أعاني من فوبيا النظافة والنظام، وبرغم كل ما فعلت وافعل يوميا، أقتحم هذا المخلوق الصغير عالمي رغما عني.

long leg spider، أو ما يعرف بالعنكبوت المنزلي، هو مخلوق صغير الحجم له ثمانية أرجل وثماني عيون، وليست له أجنحة أو أعضاء للمضغ، يبدأ طوله من ٢ ملم وحتى ١٠ ملم، ومن الممكن أن يصل طول ساقه إلى ٥٠ ملم!!.

وبرغم أن المتعارف عليه أن العنكبوت كانت مخلوقات غير محبوبة تسبب الأذى لاسيما الأنواع السامة كالأرملة السوداء، فان عدد غير قليل من الدوريات العلمية ذهبت أن لولا هذه المخلوقات الصغيرة لما كان للإنسان مستقر على الأرض ذلك لأنها تقضي معظم وقتها في اصطياد الحشرات والفتك بها، ولولاها لتكاثرت الحشرات وأتت على الأخضر واليابس!.

لم أتوقف طويلا أمام سيل المعلومات (المتراكمة من قراءاتي) المنهمر من خلايا عقلي، وأنا أهرع لجلب زجاجة المبيد الحشري للفتك بهذا الدخيل غير المرغوب فيه.

نزعت الغطاء، وضغطت بكل ما أوتيت من قوة، لينطلق الرزاز السام في الموضع الذي كان يشغله صاحبنا منذ لحظات، وأصبح خاليا الآن.

لوهلة تصورت أنني قد ظفرت به، واقتربت (واضعا منديلي على انفي) أدقق النظر وابحث عن الجثة المتحجرة، حين شعرت بوخزات سريعه على وجه قدمي.

أجفلت وتراجعت قفزا، في الوقت الذي كان صاحبنا يطير (حرفيا) ليختفي أسفل الأريكة!!.

لقد تلوثت سمعتي، كيف أرفع عيناي في وجه جيراني، لعلهم يتهامسون الآن في شماته "أخييييييييييه ده عنده عنكبيت في بيته".

العرق ينساب قطرات على جبيني، أخلع نظارتي الطبية، ومن جديد أحكم قبضتي على زجاجة المبيد الحشري، ثم أدفع الأريكة.. وتنطلق الدفقات الغزيرة بلا توقف...

><><><><><
في العدد الأسبوعي لجريدة قومية كبيرة، نُشر في قسم الحوادث، أن الشرطة عثرت على جثة أستاذ جامعي متعفنة في منزله، وأشار تقرير الطبيب الشرعي أن الضحية توفي أثر استنشاق مادة سامة من المرجح أنها مبيد حشري!!.

كان جيران الضحية قد أبلغوا الشرطة، بعد أن اشتموا رائحة نتنة تنبعث من داخل شقته، بأحد أحياء القاهرة الراقية، كما أكد حارس العقار أنه لم يرى الضحية يغادر منزله منذ ما يزيد على الأسبوع، فتم إستئذان النيابة، التي أمرت بدورها اقتحام الشقة، ليُعثر على الجثة.

تمت بحمد الله
Read More

12 يونيو 2011

أربح Ipad2

يونيو 12, 2011
يهتف صديقي عبر المحمول، والحماس يغلف نبرات صوته الأجش:

"بقولك Ipad تو يا مان"

أبتسم في لزوجة، أبحث عن القلم الرصاص الذي ابتعته منذ خمس دقائق واختفى من أمامي كما الحرباء، بينما يواصل صديقي كطفل سعيد بحلوى وجدها على الرصيف بلا صاحب:

"المطلوب بس أني اسجل واعمل كام مشاركة كده (كوليشن كان)، وكله هيبقى في الظبلايط"

الآن تختفي أستيكتي الثمينة، والمسطرة التي تحمل أشكال ملونة عل جانبيها، إن لم أعثر على هذه الأشياء ليكونن يوم من أسوأ أيام حياتي!!

"أنا بس محتاج مساعدتك، أحنا نقعد مع بعض على الجوجل توك توك، ونعملنا كام ميل كده، ونقعد نسجل بقى يامان لحد الفجر، عشان فرص المكسب، أنت عارف الحاجات دي"

هنا تجمدت الدماء في عروقي، صديقي يدعوني صراحة لممارسة الغش والتدليس، صحيح بعض السهر لن يضير، لكن لا والف لا.. لن اضحي بمبادئي من اجل جهاز ببضعة آلاف من الدولارات.

"ولو ربنا وفق، اللي يرسى عليه العطا يبيع العلبة ونقسم بالنص يا زميل"

آه.. هنا لابد أن اعيد التفكير
ظننت لوهلة أن هذه (التكديرة) ستكون بلا مقابل، فأوعز إلى عقلي الباطن بمسألة الضمير والمباديء.

"يامان.. أنت مش بترد ليه، لو مش فاضي قول عشان اربط مع حد تاني، السحب الجاي بعد بكرة، وعايزين نلحق الليلة"

انحني باحثا اسفل المكتب، مستعينا بكشاف ضوئي صغير، فتصطدم عيناي بالقلم الرابض في الظلام جوار الأستيكة والمسطرة.

هذه علامة
عندما تعثر على كل حاجياتك الضائعة بضربة واحدة، تأكد انها علامة.. لكن على ماذا؟!!.

<><><><><><><>
في شرفة منزلي أجلس واضعا القلم والمسطرة، والأستيكة العزيزة على المنضدة، منتظرا الوحي، لم اكتب شيئا منذ أسبوع كامل، فقدت التركيز، ولم يعد بوسعي قنص أي افكار جديدة!!.

يهتز هاتفي الجوال وقد أغلقت صوته على الوضع الصامت طمعا في المزيد من الهدوء.

هذا صديقي العزيز، لابد أنه عثر على مغامرة جديدة يبغي مشاركتي بها، أو لربما تعثر بالمصادفة البحتة في موقع سيهديه مرسيدي A-CLASS شريطة أن يسجل ويشارك ببضع كلمات من (الكوليشن كان) خاصته.

اشعر بعجز كامل، لا أجد حتى الكلمات المناسبة لوصف ما اعانيه!!

أتأفف.. واغادر إلى غرفة المعيشة، اجذب صندوقي الخاص من اسفل السرير حيث احتفظ بأشيائي الثمينة، وكل ما أملك من نقود.

واحد اثنان ثلاثة..
خمس وسبعون جنيها هي كل ما تبقى من نصيبي بعد أن باع صديقي جهاز الآيباد الذي ربحناه سويا.

أنا بحاجة للتركيز، وإلا لن أجد ما أكله بعد بضع سويعات.
آه لو عرفت سبب ما أعانيه!!

تمت بحمد الله
Read More

26 مايو 2011

البلطجي والثعبان

مايو 26, 2011
القصة، أو العظة التالية وردتني على بريدي الشخصي منذ أيام.

قرأتها وأنا أبتسم، لأن يوما بعد يوم يثبت المصريين أنهم أكثر شعوب الأرض ذكاء واستيعابا لكل المتغيرات التي تحيط بهم.

واليوم قررت أن أشارككم بها، من باب اللي ياكل لوحده يزور!!

(كان يعيش في احد الاحياء الفقيرة بلطجي اعتاد علي تخويف البسطاء بثعبان كان يربية ويحتفظ بة لتخويف وابتزاز اهل الحي الفقراء بالتلويح باطلاق هذا الثعبان في وجة كل من يجرؤ بالاعتراض علي وجودة بينهم، ولذا كان الاهالي يتقون شرة ويذعنون لما يفرضة عليهم من اتاوات لانة كان الوحيد الذي يعرف كيف يمسك بهذا الثعبان وكيف يستأصل السم منة بحيث لايؤذية.

واخيرا قرر الاهالي التكاتف معا والوقوف سويا امام هذا البلطجي لاجبارة علي الرحيل خارج الحي والابتعاد عنهم وبالفعل تم لهم ما ارادوا ورحل البلطجي، ولكن الثعبان الذي كان يحتفظ بة تسلل خلسة واختبأ، فيما اهل الحي فرحة برحيل البلطجي مشغولين عن خطر وجود هذا الثعبان حرا طليقا بعد ان زاد توحشة لعدم وجود من ينزع السم عنة كما كان يفعل معة سابقا صاحبة البلطجي.

اصبح لايكاد يمر يوم دون ان يسقط احد اهالي الحي صريعا بعقرات الثعبان المفاجئة التي باغتت الجميع حتي انقسمت اراء اهل الحي في كيفية مواجهة هذا الخطر الجديد حتي ان بعضهم طالب بعودة البلطجي مرة اخري طالما انة كان الوحيد الذي يستطيع التعامل مع مثل هذا الثعبان في حين طالب آخرون بمحاولة ترويض واستئناس الثعبان.

اخيرا ذهب الاهالي الي اكبر افراد الحي سنا واكثرهم خبرة وحكمة لطلب المشورة والنصح منة، فكان جوابة اذا اردتم العيش بسلام يجب علي عليكم التكاتف والاتحاد سويا لغلق كل الشقوق والجحور الموجودة داخل منازلكم والتي من الممكن ان يتسلل اليها الثعبان وبذلك تستطيعوا ان تقضوا علية بسهولة عندما يخرج في العراء حين لايجد مكان لديكم يختبئ فية أو جحر يأوية).

القصة رمزية جدا تعبر عن الواقع الحادث في مصر الآن، فلا يخفى على أحد أن كل ما يدور مدبر ومقصود، فلا اخوان ولاسلفيين ولااقباط، الأهم الآن أن ندرك كيف نحمي انفسنا ولا نسقط في المكائد التي تحاك حولنا صباح كل يوم جديد، من أجل مستقبلنا ومستقبل البلد الذي أنزاحت عنه غمة الثلاثين عاما بإرادة الله، وكفاح هذا الشعب المسكين.

اللهم أحمي بلدنا ونور قلوبنا وبصائرنا ونجنا من المصائب والمكائد، وأجعل بلدنا خير بقاع الأرض، آمين يارب.
Read More

24 يوليو 2006

عملية الجَمر

يوليو 24, 2006
ربما للمرة الأولى نشاهد عن قرب حقول كفر الدعابسة، المنافس الأول لجهاز مخابرات كفر ناعسة ورجله المغوار (هريدي).

حقول عادية المظهر بأعواد الزرع الخضراء وأطفال تلهو، وحيوانات ومياه الترعة الكبيرة التي تقطع حقول الكفر أفقيا، لا شئ غير طبيعي بالمرة بإستثناء ذلك الحقل البعيد..!!
Read More

21 ديسمبر 2005

أحنا ليه ساكتين..؟!!!

ديسمبر 21, 2005 0
هذه المرة سنتحدث عن مدى معرفة كل منا بنفسه وبقدراته.. فأحيانا لا يعلم المرء مقدار قوته الفعلية إلا بالتجربة، صحيح أنه وقتها يشبه إلى حد كبير زجاجة البيبس التي تم أنتزاع غطاءها بعد رجها فأنفجرت كالقنبلة وتساقطت معظم محتوياتها دون أستفادة حقيقية، لكنه يتعلم.. يُدرك.. والتجربة أساس العلم.

<><><><>
آخر أيام الإجازة الصيفية.. حيث شعور عارم طاغ أن الإجازة بدأت وتنتهى اليوم.

كل شىء مرغوب، لعب.. مزاح.. صخب الأطفال في هذا اليوم تمامًا كشخص وضعت أمامه قطعة كبيرة من حلوى الجاتوه، هو يعلم أنها لن تكون آخر قطعة في العالم.. ورغم هذا تراه ينقض كمدمرة حربية، فقط تحت شعار عصفور في اليد.

ولكنني أختلف عنهم.. أجلس أمام شاشة التلفاز وقد بدأت عدوى مشاهدة نشرة الأخبار تسري في دمائي.. بدأ الأمر بمتابعة أخبار الطقس، ومع الوقت أمتد نشاطي لمتابعة أخبار الرياضة ثم المال والأقتصاد، خاصة وقد نويت أن أصبح تاجر عملة في المستقبل..!!

الآن أنتظر وكأنني على موعد مع برنامج الأطفال الشهير (نص ساعة مع العيال)، أنتظر نشرة أخبار السادسة مساء.. أنتظر وللمرة الأولى أرى النشرة من بدايتها، الموسيقى المميزة والأسماء الصاعدة من أسفل الشاشة، ثم مُذيعا النشرة المتأنقين، مشاهد متتابعة تمثل العناوين الرئيسية لنشرة الأخبار.. مفاوضات، تصريحات، حرائق، فيضانات، رياضة، مال وأعمال، أحوال الطقس، وذلك المشهد.

ربما لم أستطع التحقق جيدًا من تفاصيله لكن ما قيل تعليقا على أحداثه كان كفيلا بأن يظل معلقا لا أرى سواه.

مشهد لطفل صغير وقد رُفع جسده الصغير على أعناق الرجال وسط جنازة مهيبة، جنازة تحمل شهداء واحدة من مذابح المحتل الصهيوني في أرضنا المحتلة.. فلسطين.

لم أكن أدرك وأنا بعد في العاشرة من عمري ما سر تلك القشعريرة التي أرتج لها جسدي حال رؤيتي لهذا المشهد الرهيب، وكأى طفل يحترم نفسه.. أتجهت من فوري إلى حيث والدتي، وقد أنهمكت تماما في معركة رغاوي ضارية مع صحون المطبخ.

أستئذنت بأدب جم بعد أن طرقت باب المطبخ، فألتفتت لي غير مستوعبة هذا السلوك الجديد على شخصي المتواضع:
• خير.. أيه الأدب اللي نزل عليك مرة واحدة ده ..!!
• كنت عايز أسئلك على حاجة يا ماما

بنفاذ صبر.. وقد بدأت معركة الرغاوي تسعى نحو النهاية:
• مش ممكن الحاجة دي تستنى لحد ماخلص اللي في أيدي
• طيب.. بس ماتتأخريش، عشان عايز أخرج العب حبة مع العيال أصحابي

عدت حيث مازالت نشرة الأخبار تدوى عناوينها كقذف المدافع في أذني.. حاولت أن أتابع كما بدأت ولكنني لم أستطع، من العسير للغاية أن تطلب الأنتظار من طفل لمعرفة شىء ما، إن الفضول هو نقطة الضعف الرهيبة التي يُستغل بها أى طفل في هذا العالم.

وهكذا مر الوقت ومشاهد النشرة تتابع أمام عيني دون أى تفاعل من جانبي.. حتى إنخفاض أسهم شركة المحمول التي نويت أستثمار مصروفي بها لم يهز بي شعرة، إلى أن دوى الصوت المحبب في أذني:
• ولد يا (سمسم).. أنت فين..؟

قافزا كالقرد.. مُتخطيا أثاث الردهة إلى حيث تقف والدتي الغالية أمام المطبخ تجفف يديها بعد أنتهاء المعركة:
• أنا هنا يا ماما.. خلصتِ الصحون...؟؟!
• أيوه يا سيدي.. عايز إيه بقى، عشان مش فاضية وعايزة أحضر العشا قبل بابا ما يرجع م الشغل

أتصنع الأهمية.. عاقدًا يدي أمام صدري كجنود الصاعقة:
• أصل أنا شفت في النشرة حاجة مش فاهمها.. ممكن تقوليلي معناها..؟
• حاجة إيه...!!!!!!!!!!!
تُمسك كفي الصغير.. تجذبني خلفها إلى حيث مازالت أصوات مذيعي النشرة تملئ فراغ الردهة، بينما أحاول ترتيب أفكاري لتوجيه السؤال الصحيح ومن أقرب نقطة ممكنة توفيرًا لوقت والدتي الثمين.. ووقتي الأثمن:
• إيه بقى اللي أنت مش فاهمه.. ؟
• من شوية شفت في النشرة طفل صغير الناس شايلينه وعمالين يعيطوا ويصرخوا بحاجات مفهمتش منها ولا كلمة، وبعدين عمو المذيع قال كمان حاجة غريبة خالص.. (هذه واحدة من المذابح المتكررة للعدو الصهيوني الغاشم على أبناءنا.. أطفال الأقصى المحتل)، يعني إيه بقى مذبحة..؟، ومين هوه العدو الصهيوني ده.. ؟، والأطفال دول بيتكلموا عربي ذينا مش كده.. يبقوا أخواتنا صح، أبلة العلوم قالت كده السنة اللي فاتت، أى حد يتكلم عربي يبقى أخويا صح يا ماما صح..؟، طب لو صح أحنا ليه سيبنهم يموتوا من غير ما ندافع عنهم هاه ليه.. ليه ياماما..؟

لا ردود.. لم تسطتع والدتي أن تجيب على كم الأسئلة المنهمر، فقط كانت تبتسم وكأنها لا تصدق أن طفلها الصغير قادر على إستيعاب مثل هذه الأمور، أو إدراك المعنى الحقيقي لكلمات تختنق بها صدور الكبار وتتراكم فوقها هموم الحياة فتمنع عنها كل المخارج.

• إيه رأيك نستنى بابا على العشا، وهوه يفهمك اللي أنته عايزه

خدعة.. أعلم أنها خدعة وأقسم على ذلك، محاولة مكشوفة للتهرب من أسئلتي، ولكنني لا أملك الأعتراض، للإسف..!

• طب أنا هلعب مع أصحابي شوية، ماشي

لم أنتظر الرد وهرعت إلى باب المنزل.. حيث ينتظرني أعضاء الفريق..

(بسبس) منصة المراقبة المتحركة، و(طاحونة) رجل العمليات الخاصة، و(العشوائي) المسئول عن إذاعة البيانات العسكرية.. بدون ميكرفون.!

أنهمكنا في اللعب لبعض الوقت، والغريب أنني نسيت تماما موضوع المناقشة مع والدتي، فعدت للمنزل نحو العاشرة تناولت عشائي بصحبة والدى ووالدتي، دون أن يحاول أى منهما فتح موضوع النقاش، وكأنهم ماصدقوا أني نسيت.. بركة ياجامع..!

• " تصبحوا على خير بقى.. "
• " وأنت من أهله، أطفي النور ونام على طول، بلاش قراية المجلة أياها، فاهم.. "

مثل كل الأمهات.. نصائح وتحذيرات، ولكن كيف أنام دون توديع صديقتي الأقرب، (الساحرة المبتسمة) ليس هذا أسمها بالطبع، في الحقيقة هو عنوان قصة ملونة لطفلة في مثل عمري تقريبا، تعثر على كتاب سحري في أحد الأركان المهملة من منزلها فتتصفحه و.....، وفي النهاية تُصبح ساحرة.. ساحرة طيبة تبتسم على الدوام وتسعى بكل قوتها لتحقيق أمنيات الأطفال في هذا العالم.. كل الأطفال.

القيت نظرة عابرة على القصة، قرأتها عشرات المرات ولا أمل منها أبدا، ولكنني مُتعب مشوش الذهن ما أن تمددت على سريري حتى أسترخى جسدي و غبت عن هذا العالم.

<><><><>
أول أيام الدراسة.. بملابس نظيفة لن تبقى مع نهاية اليوم، وجسد لم يتعود الأستيقاظ المُبكر بعد، تدفعني والدتي دفعا نحو باب المنزل حيث ينتظر (بسبس) و(طاحونة) و(العشوائي) والنوم لم يفارقهم أيضا، تمهيدا للسير إلى مدرستنا القريبة

• " بشويش يا ولاد، بلاش لعب بعد الضهر، فاهمين.. "

نستند على أكتاف بعضنا البعض، نترنح في الطريق، وكالعادة نصل وطابور الصباح يوشك على النهاية.. الواحد كان مستريح، مش عارف ليه مايخلوش السنة كلها إجازة.

الحصة الأولى.. دراسات، أستاذ جديد بملامح هادئة.. طويل القامة، خط على السبورة بضع كلمات، عنوان الدرس على الأرجح، ثم التفت عاقدا ساعديه أمام صدره وأبتسامة ودود تعلو شفتيه:
• " أنا مدرس الدراسات لهذا العام، أسمي (حسام).. (حسام الدين).. سنتكلم اليوم عن الـ..."

(حسام الدين).!، فجأة أحتل ذهني مشهد كنت أظنه حُلما، حيث أقف على قمة عالية تكسوها الثلوج وأمامي في الهواء على مِكنسة لامعة تجلس (سلوى) الساحرة المبتسمة.

القمة عالية والثلوج ملساء وقدماي تعجز عن حملي، يختل توازني.. أترنح، أكاد أهوي
• " تماسك.. لاتسقط في فخ صنعه عقلك.."
• " ولكنني عاجز أشعر بالخوف والحيرة "
• " أعلم.. أنه الخوف من المجهول من أشياء لا تدري كنهها، ولكن أطمئن غدا يأتي من يقطع الشك باليقين.. "

حوار غريب لم أفهم منه شيئا، ولم أكن لإربط بينه وبين معلمي الجديد لولا تلك الكلمة (يقطع الشك باليقين)..، فكما أذكر أخبرتني معلمة اللغة العربية بمعانى بعض الأسماء.. (حسام) هو السيف.. السيف القاطع.!!

• " يعني إيه صهيونية يا أستاذ..؟ "

لم أرد إضاعة الوقت فبادرت بالسؤال على الفور، ليسود الصمت وتستدير كل الوجوه نحوي، فيتقدم مني الأستاذ (حسام الدين) مُبتسما.. هادئا، وينحني لتواجهني عيناه العميقتان:
• " وماالذي تُريد معرفته عن الصهيونية بالضبط..؟ "

وكأنني كنت أنتظر سؤاله، أعتدلت في مجلسي وأنطلق لساني يسرد تفاصيل يوم أمس، نشرة الأخبار وموقف والداي، وحتى الحُلم لم أنسى وصفه بكل دقة..
• " لا بأس أبدا.. يُسعدني إجابة كل ما يشغل بالك، لكن ليس الآن.. تعال إلى حجرة المعلمين وقت الفسحة أو في نهاية اليوم.. وكل من يريد الإستماع فليأت معك "

وأنتهى اليوم.. لاأعرف كيف ولا متى.. فقط وجدتني بصحبة رفاقي نطرق باب حجرة المُعلمين ننتظر الأذن بالدخول..
• " أهلا بالأبطال.. لماذا لم تأتوا أثناء الفسحة "

يتقدم (بسبس) بإعتباره أطولنا:
• " أصل يعني حضرتك، قولنا نستنى آخر اليوم عشان نسمع براحتنا ومايبقاش ورانا حصص "

يبتسم أستاذنا الهادئ، يدعونا للدخول.. فنجلس ورهبة المكان تُقيد السنتنا تماما، يسترخي في مجلسه ويبدأ الحديث:
• " أنا مُعجب بكم للغاية، إنها المرة الأولى التي أقابل بها أطفال بمثل سنكم يبحثون عن كهذه أجوبة "
• " يعني هتفهمنا يا أستاذ (حسام) "
• " طبعا، ولكن ماذا تريدون بالضبط..؟ "

تبدو الجدية على ملامح (طاحونة) يبتلع ريقه:
• " كل حاجة.. عايزين نعرف، ونفهم "

يلتفت الأستاذ (حسام) نحوي:
• " وماذا عنك، أليس لديك ماتقول، أم أنك تبحث عن أسئلة جديدة "
• " بصراحة.. أنا عايز أعرف في الأول، وبعدين أكيد هسأل تاني "

بشوش هو أستاذنا (حسام الدين)، مع كل كلمة أو أعتراض تجد الإبتسامة تعلو شفتيه ثم تنتقل إليك دون أن تشعر، عدوى لطيفة ليتني أمتلك مثلها:
• " لابأس.. أنتم متحمسون.. ولكن من أين نبدأ، هناك الكثير من الأمور التي يَصعُب على عقولكم إستيعابها "

نُجيب في لحظة واحدة ودون أى إتفاق مُسبق:
• " أحنا مُستعدين نسمع أى حاجة.. المهم نفهم "

يتنهد وتزداد أبتسامته أتساعا، ويبدأ في سرد الأهوال.. أحداث لم أكن أتصور حدوثها فإذا بها تاريخ، تاريخ قذر لحفنة شريرة من البشر.. أعتقدت ومازالت أنها صاحبة الحق في مساحة هائلة من الأراضي العربية، من المحيط إلى الخليج كما يزعمون، تزييف للحقائق وخداع لكل الإعراف والقوانين الدولية..

جرائم بشعة بكل ما تحمله الكلمة من معانى، لأول مرة أدركت ماهية المذبحة ومعنى أغتيال ومفهوم الشهيد، لأول مرة تسري إرتعاشة الخوف في قلبي الصغير.. أنتفض ويغمر جبهتي العرق البارد و...
• " أأنت على مايرام، تبدو مُتعبا "
• " أنا كويس، بس مش مصدق اللي بسمعه يا أستاذ، طيب هوه كل الكبار عارفين اللي حضرتك بتحكيه ده "
• " نعم.. كل الكبار في كل العالم على دراية بخطط اليهود القذرة للسيطرة على الأراضي الفلسطينية وتصفية الشعب المسكين الأعزل من السلاح، لقد أصبحت القوة اليهودية في الغرب تحكم العالم دون عرش رسمي، وتحولت مع الضعف والتخاذل من جانبنا إلى آلة حصد.. آلة قاتلة لاتعرف الرحمة "

ومر الوقت.. كيف..؟، لاأعلم، فقط وجدنا الأستاذ يُلقي نظرة على ساعة يده وقد أشارت عقاربها إلى الثانية والنصف عصرا، مرت ساعة ونصف الساعة على إنتهاء اليوم الدراسي.. لابد وأن والدة كل منا تحفر الأرض بحثا عنه الآن
• " أعتقد أنكم تأخرتم، هلموا سأصحبكم بسيارتي "

لاداعي لإن أصف كم التوبيخ الذي تعرضت له عند عودتي إلى المنزل، والذي لابد وأن عانى المثل منه (بسبس) و (طاحونة) و(العشوائي)، يكفي أن تعلموا أن شيئا بسيطا خطر ببالي مع التعنيف والتوبيخ الذي تعرضت له من والدتي نتيجة تأخري في العودة.

لو أن هذه مشاعر أم تأخر طفلها لبضع دقائق ثم عاد إليها سالما، فما هو الحال مع أم خرج طفلها صباحا ولم يعد ولن يعود..؟، كيف هى مشاعر الأمهات هناك..؟، في فلسطين.

<><><><>
الثانية من بعد ظهر أحد أيام الجمع، القاهرة.. حيث الصخب والصراخ شئ روتيني لا يلفت الأنظار.

واحدة من المساكن ذات الإرتفاعات الشاهقة والمُطلة على أحد أكبر ميادين العاصمة.

شرفة بالطابق الخامس عشر من نفس البناية.. حيث يقف أربع صغار لم يتجاوز أكبرهم العاشرة من عمره.. يقفون على الإفريز الخارجي للشرفة..!

أسفل البناية مشهد لا يحدث إلا في أفلام السينما، عربات شرطة وإسعاف ومطافئ.. كاميرات تلفزيونية، ومئات المواطنين يتملكهم الفضول لمعرفة ما الذي يحدث بالضبط..

مجموعة من رجال الشرطة في المصعد الخاص بالبناية:
• " هى الحكاية ناقصة، هنلاقيها منين وله منين "
• " على رأيك يا باشا، العملية كانت عايزة عيال كمان "

بالإسفل حيث جموع المواطنين، تقترب كاميرات التلفزيون فيبدأ التهافت لمجرد الظهور:
• " تفتكر الأطفال دول عايزين إيه يا مواطن..؟ "
• " بصراحة يا باشا ومن واقع خبرتي التربوية، أصل أنا مدرس ثانوي آه والله، أعتقد أن الـ..."
• " وسع شوية من فضلك، بص ياباشا أنا أقولك، العيال دي لازم عاملين حاجة وخايفين آه، مهو الزمن ده زمن عجايب.. أعوذ بالله "

الوضع بالإعلى لا يختلف كثيرا، مجموعة الضباط وصلت الطابق المنشود، وهاهم وجها لوجه مع الأطفال الأربعة:
• " أسمع يا بابا منك له، أحنا مش فاضيين، يأما تقولوا عايزين إيه ياتخلصونا وترموا نفسيكوا "
• " بالهداوة ياباشا مش كده، بص ياحبيبي منك له، أحنا مسئولين كبار ورانا مصالح ومهمات ومش ناقصين لعب العيال ده، ممكن أعرف إيه الحكاية بالضبط "

يتنهد أحد الأطفال ورغما عنه تقفز الدموع غزيرة على وجنتيه، وبدأ يروي.. الغريب أن ما دفعهم إلى هذا التصرف ليس مشكلة شخصية ولا حتى عائلية، بل ويال العجب مشكلة دولية.. الأطفال الأربعة أرادوا التحدث إلى كبار العالم.. كل كبار العالم.

هناك مشكلة تجثم على صدورهم الصغيرة ظنوا بتصرفهم هذا أنهم سيجدون لها حلا.

ولساعة كاملة راح الصغار يشرحون للضباط مايعانيه أطفل الأرض المحتلة من قهر وقمع وتعذيب وحشي غير آدمي على الإطلاق، سردوا بدموعهم قضية مازال المجتمع الدولي عاجز عن مواجهتها بالشكل الأمثل.

• " بالذمة ده كلام، يعني أنتوا فاكرين أن اللي بتعملوه ده ممكن يخلي اليهود يسيبوا فلسطين "
• " لا ياعمو.. أحنا عايزين الكبار يسمعونا.. يحسوا بينا، يعرفوا أن أحنا شايفين أخوتنا بيموتوا ومش قادرين نساعدهم.. عايزين الكبار يتحركوا ويبطلوا يهتفوا "

ولم يكن هناك من رد.. من الصعب أن تجد ردا على سؤال طفل يُدرك ويتألم، بينما أنت لاتبالي..!

وبالأسفل.. بدأ رجال الشرطة في إعداد وسادة هوائية كبيرة الحجم، كإجراء وقائي لحماية الأطفال لو فشلت الجهود في إنقاذهم بإعلى..، في نفس الوقت الذي بلغت أنباء مطالب الأطفال لرجال التلفزيون وأشتعل الموقف أكثر:

• " أعزائي مُتابعي قناة (..) الإخبارية، نحن ننفرد.. الأطفال الراغبون في إلقاء أنفسهم من أعلى (الكاميرا تتحرك لتعرض مشهد الأطفال ثم تعود للمذيع المتأنق) يطالبون بجلاء المحتل عن الأراضي الفلسطينية "

تنطلق صيحات الدهشة من الأفواه، ومعها عشرات الآراء.. بين مؤيد ومستهجن، وغير مصدق:
• " مكنش حد غُلب "
• " وهى يعني إسرائيل هتسمع كلام العيال..؟ "
• " والله جدعان.. هما دول أمل المستقبل بصحيح "
• " أنما فين أهاليهم دول.. مش شايفين حد بيعيط يعني..؟ "

نعود إلى الموقف المُلتهب بالإعلى، وقد بدأ التعب يرسم خطوطا واضحة على ملامح الأطفال:
• " أسمع يا حبيبي منك له، باين عليكوا كبار وفاهمين.. عشان كده هنتكلم معاكو بصراحة "
• " بعد إذنك ياباشا، شوفوا ياولاد، مفيش في أيدينا حاجة نعملها، ومتهيألي كفاية أوي أن التلفزيون صوركوا.. وبكرة كمان تنزل الحكاية في الجرايد، وتبقوا برضه وصلتوا صوتكوا وله إيه..؟ "
• " أيوه ربنا يهديكوا.. مدوا أيديكوا بقى.."
• " هو ياعمو التلفزيون بيصور.. يعني مش شايف من هنـ........................

كان أكثر الأطفال تماسكا، يتحدث مديرا عيناه إلى أسفل، ومع الإستدارة المباغتة فقد توازنه وبدأ رحلة السقوط جاذبا رفاقه وقد تشابكت إيديهم من البداية.

ومع هول مشهد السقوط أنطلقت الصرخات وهتافات رجال الشرطة والإطفاء وعلا صوت المنبه بشكل سخيف ليقطع الـ............، مهلا.. هل قلت صوت المنبه..!

أنتفضت واقفا لأجد أنني مازلت بغرفتي.. على سريري.. والمنبه الصغير يرقص معلنا وقت الإستيقاظ والذهاب إلى المدرسة.

كل مامررت به ورأيته لم يكن سوى حلم، حلم أراد به عقلي أن يدُلني على شئ بالغ الأهمية، أنني لازالت طفلا رغم كل شئ.

طفل يحيا وسط عالم كبير تعود الصمت والنسيان

طفل صغير لا يمكنه تغيير الكون مهما بذل من جهد.

تمت بحمد الله
Read More

18 سبتمبر 2005

ومضى طفطف العمر

سبتمبر 18, 2005 0
الوقت.. أعتقد أن الآوان قد حان لهذا الحديث، وما أصعبه على نفس أى منا، أن تتحدث عن شئ لا يُمكن الإمساك به، ليس له حدود أو أبعاد يمكنك السيطرة عليها بالشكل الحرفي لمعنى سيطرة، الزمن.. الوقت.. الأيام، كلها مرادفات لكلمة واحدة، عجز الأنسان وسيظل يركض خلف حلم السيطرة عليها مهما تقدمت وتطورت معارفه.. وعلومه.

<><><><>
موسم الأمتحانات.. أمتحانات نصف العام، وياله من موسم، أكواب الشاي والسندوتشات روتين يومي لما يزيد عن الشهر، اللعب ممنوع.. المزاح مرفوض.. (ذاكر ربنا يهديك) جملة واحدة تحولت بقدرة قادر إلى قاموس رهيب يُطل برأسه في هذا التوقيت من كل عام.

لا أجد وصفــًا أكثر ملائمة لوضع المنزل خلال هذه الفترة إلا كونه قد أصبح ثكنة عسكرية، خصوصًا وأمتحانات هذا العام تختلف، أمتحانات الشهادة الإبتدائية، حيث لابد من مجموع متميز يؤهلني للإلتحاق بفصول المتفوقين في المرحلة الإعدادية، تمهيدًا للثانوية العامة وعليكوا خير.

اليوم بالتحديد هو ثاني أيام الإمتحانات، اليوم هو أمتحان الحساب.. الحساب يا جماعة، عارفين يعني إيه، جمع وطرح وقسمة وحاجات تبرجل أجدعها نافوخ، المهم.. بدأ اليوم بشكل طبيعي للغاية.. أستيقظت في السادسة صباحًا للمراجعة، رغم أن الأمتحان في العاشرة والنصف، حاسس أني هنام في اللجنة.

كوب شاي بالحليب وكام سندوتش جبنة، وكتاب الحساب اللطيف المكتظ باللوغاريتمات، والدتي كعادتها في معركة صباحية مع صحون العشاء، والدي مازال نائمًا، حاجة غريبة أذاي أنا صاحي وهو لسه نايم، طب على الأقل يصحى يشجعني.. معلش بكرة الأجازة تيجي وأنام لحد المغرب.

السادسة والربع، أنتهيت من كوب الشاي أبو حليب، ومن سندوتشات الجبنة، ومازال كتاب الحساب قابعــًا في نفس  مكانه، تثائبت.. فركت عيناي، ثم أسندت رأسي إلى المكتب عاقدًا العزم على نيل غفوة صغيرة، و......

ولد يا (سمسم).. أدي اللي أنا عاملة حسابه..؟

مناقشة لطيفة بين أم تعرف مصلحة طفلها، وطفل أجبروه على مراجعة مادة قبل موعد الأمتحان بأربع ساعات كاملة دون الحصول على قسط كاف من النوم.. شئ طبيعي للغاية ويتكرر في كل البيوت المصرية.

التاسعة وخمس دقائق، أصبحت جاهزًا للذهاب إلى موقع لجنة الأمتحان القريبة من منزلي، والتي لن يستغرق السير إليها أكثر من عشر دقائق، ومع ذلك تُصر والدتي على أن أكون هناك قبل الموعد بساعة كاملة، ثيابي مهندمة.. رقم الجلوس في جيب القميص، أقلامي والمسطرة والأستيكة في الجيب الخلفي للبنطلون، هل ينقصني شئ ما..؟؟، همممممم، نعم.. عايز أنام نص ساعة بس يا عالم..!

التاسعة والثلث، أمام لجنة الأمتحان الخاصة بمدرسة (السلام الدولية) الإبتدائية المشتركة، أقف مستندًا إلى واحدة من السيارات القابعة أمام باب المدرسة، إلى جواري (بسبس) و(العشوائي) و(طاحونة) وقد أنهمك أربعتنا في محاولات مستميتة لإفاقة بعضنا البعض..!، لقد إزدادت الرابطة فيما بيننا للدرجة التي أراح كلٌ منا رأسه على كتف الآخر، وغط في نوم عميق، ع الواقف..!

العاشرة والنصف، داخل اللجنة وقد بدأ الإمتحان للتو.. ورقة الأسئلة طويلة جدًا، سؤال إجباري ونصف دستة إختيارية ينبغي تخفيضها إلى أربع.. بالعربي خمس أسئلة كلها جمع وخلافه.. يا مسهل يارب.

بص ف ورقتك منك له، فاضل عشر دقايق ويعدي نص الوقت..

أهلاً.. ياعم ده أنا لسه مخلصتش سؤالين، يا وقت ليه بتجري.. يا وقت لسه بدري..!!

عملتوا إيه يا عيال..؟
العادي يعني.. أربع أسئلة وحتة
وأنت يا (طاحونة)، وشك مصفر ليه
ملحقتش أحل (ج) في السؤال الخامس، أستاذ (سمير) بتاع الرياضة قابلني ع السلم وقال أن عليها سبع درجات بحالهم

حوار هادئ لطيف بيني وبين أصدقائي (بسبس) اللي مكبر دماغه على طول الخط، و(طاحونة) المنزعج على الدوام، و(العشوائي) اللي مش عارف هو عايز إيه بالضبط، الحقيقة أنها عادة، ما أن ينتهى الأمتحان حتى نهرع إلى مكان خاص حددناه سابقــًا نتشاور ونتناقش فيما فعل كلٌ منا، أحيانــًا تنتهي المناقشة بمصافحة وأحضان لو حالفنا التوفيق، وفي معظم الأحيان تأتي النهاية بالشلاليت والصفعات والمطاردة حتى المنزل، مش عيال..

عملت إيه يا ولد.. جاوبت كويس..؟

الروتين..
الواحد ما صدق خلص من مادة يلاقي أمتحان تاني في البيت، جاوبت كويس.. وريني ورقة الأسئلة، السؤال ده عملت فيه إيه..؟، وريني جاوبت المسئلة دي بأنهي طريقة، أوعى تكون نسيت الخطوة الأخيرة ذي عادتك، آل يعني أنا ناقص، مش كفاية أني جاوبت مرة.. ثم أني ببقى عامل ذي اللي بيكب كل حاجة حافظها على ورقة الأسئلة، إذاي بقى أرجع أحل حاجة مش موجودة ف نافوخي أساسًا..؟!!.

<><><><>
هففففف.. هم وأنزاح، اليوم هو أول أيام إجازة نصف العام، لولا وجود نصف آخر لهذا العام الدراسي لتحولت معظم محتويات مكتبي، من كتب وكراسات وخلافه، إلى صواريخ وطائرات ورقية وربما حالف الحظ بعضها وصارت قراطيس لب وسوداني مُفتخرة.


التخطيط لقضاء إجازة نصف العام يبدأ من آخر أيام الإمتحانات، متى سنلعب الكرة..؟، أي محلات الأيس كريم سنقصد..؟، هل هناك أفلام جديدة تستدعي الذهاب للسينما..؟، تخطيط منظم دقيق، الواقع أن دراستنا لو حظيت بنصف الجهد المبذول لقضاء أوقات المرح، لأصبحنا عباقرة، وبلا منازع.

ولكن تخطيط هذا العام حل عليه إختلاف بسيط، فقد أُضيفت مشاهدة بطولة هامة في كرة القدم يُشارك بها المنتخب الوطني المصري إلى القائمة المفروض تنفيذها خلال أيام الإجازة المحدودة أصلاً.

البطولة بدأت قبل ثلاثة أيام، بالتحديد مع المادة قبل الأخيرة من مواد الإمتحان، واليوم ثاني مباريات الفريق الوطني، مباراة هامة للغاية ستحدد مصير المنتخب في الأدوار المقبلة للبطولة.

مُستضيفــًا أصدقائي (بسبس) و(طاحونة) و(العشوائي)، نجلس في ردهة المنزل لمتابعة أحداث المباراة الهامة، أمامنا ثلاثة أطباق.. ترمس ولب وسوداني، لزوم الإنسجام مع المباراة، تنطلق الصافرة فنتجمد وتشخص أعيننا نحو التلفاز.

تشكيل عجيب وخطة أعجب، ماالذي يفعله مدربنا بالضبط، الدقائق تمضي والمنتخب لا يرتقي مستواه لفصل 5/4 الذي أذل ناصية فريقي وهزمنا في دوري المدارس 1/0 بالعافية..، ورغم التفكك الواضح والأخطاء المتكررة لم تشهد دقائق الشوط الأول تعديلا يُذكر..

مع بداية أحداث الشوط الثاني أستبشرنا خيرًا، خاصة والفريق المنافس يخسر لاعبًا بعد خشونة متعمدة وبطاقة حمراء، ولكن هيهات، نحن بارعون في البكاء على اللبن المسكوب، رغم أننا الأكثر عددًا والأعلى مهارة ولاينقصنا إلا التوجيه السليم، والقيادة المؤهلة، بس هنعمل إيه.. ذي ما ماما بتقول " جت الحزينة تفرح "

أنتهت المباراة بدقائقها التسعون دون أى نجاح من جانبنا، الكثير من إستعراض المهارات واللعب الفردي بعيدًا عن روح الفريق ومصلحة الجماعة المفترضة، نحن من أضاع الوقت لا منافسينا، للإسف.

خسارة.. بالنتيجة دي يبقى المنتخب خرج..
ياعم (بسبس) وهى يعني جديدة، نفس الفصل في كل بطولة
على رأيك يا(سمسم)، الدنيا كلها بتمشي لقدام وأحنا بنرجع عكس الزمن.. فعلا خسارة

ماعلينا، بطولة تفوت ولاحد يموت، وغدا يوم آخر.. صحيح سيصبح الشغل الشاغل لكل وسائل الإعلام هو أزمة المنتخب وضرورة البحث عن مدرب ساحر يقود سفينة النجاة للكرة المصرية كلها، ولكنها مسألة وقت.. أيام.. أسابيع ثم تبرز على السطح مشكلة جديدة، أزمة خاصة.. أى شئ يُنسينا هموم الهزيمة ويحول تفكيرنا تمامًا، ألم أقل لكم، نحن خبراء إضاعة للوقت، في غير صالحنا.

وكما بدأت الإجازة تُشير عقارب الساعة إلى قرب إنتهائها، بضع ساعات فقط ونبدأ من جديد دوامة المذاكرة والنوم المبكر وقوانين تحريم اللعب، في غرفتي حيث أنتهيت للتو  من قراءة قصتي المفضلة (الساحرة المبتسمة) _ تلك التي أهداني إياها جدي في زيارتي له العام الماضي_ ربما للمرة المائة.

مستندًا إلى حاجز النافذة أرقب غروب الشمس وقد غبت عن كل ما يُحيط بي، نسمات الهواء الرطب تبعث خدرًا عجيبًا في أطرافي فأغمض عيناي مستمتعــًا لإجدها أمامي.. على مِكنستها اللامعة وبإبتسامة عريضة تقترب ملوحة بيديها في مرح طفولي:

أهلاً.. أذيك يا (حُسّ)
كويس الحمد الله، أو يمكن بيتهيألي أن كويس..!!
بيتهيألك..!!، مش فاهمة، أنتَ مالك بالضبط..؟
مش عارف، حاسس إن الأيام متكهربة معايا
آه.. قصدك الوقت.. وإيه الجديد، تأكد أنك مش هتلاقي بني آدم واحد عارف يسيطر على الوقت.. البشر كل البشر بيحاولوا من لحظة ما عرفوا قيمة الزمن وتأثيره على حياتهم، بيحاولوا يسيطروا على أوقاتهم.. بس من غير فايدة، صحيح في اللي بيقدر وبينجح، بس في النهاية نجاح محدود، قوام قوام بتدغدغه طبيعة البشر المتمردة على كل  حاجة نمطية أو تقليدية.. فهمت..؟
هاه..!!، متهيألي، أنتِ بتجيبي الكلام ده منين..؟

تبتسم وتلوح بيديها مودعة:
خمن..، مش أنا ساحرة..؟

نعم، كم أتمنى لو أصبحت ساحرًا مثل صديقتي (سولي) الساحرة المبتسمة، ربما تمكنت وقتها من السيطرة على الوقت، أقول ربما.

<><><><>
عيد ميلاد جدو.. هذا يعني سهرة حتى الصباح وقصص رائعة تنتهي مع آذان الفجر، ولما لا.. اليوم الخميس وغدًا الجمعة إجازة، لامانع من السهر لبعض الوقت.


كم سيبلغ جدو من العمر..؟!!، هذا لايعنيني المهم أن أُجيد الإعداد لحفل صغير، فبعد مجهود مضني نجحت في إقناع والدتي بإقامة حفل صغير للإحتفال بهذه المناسبة:

مش عارفة بس حفلة إيه دي، هو جدك برضه بتاع زينة وبلالين..؟

مش حكاية زينة وبلالين، الموضوع كبير كبير.. أنا عارف أن جدو ما يهموش المظاهر دي، وكمان مش هيعرف يأكل تورتة عشان سنانه، بس ده ما يمنعش أننا نحتفل بعيد ميلاده، نحسسه إن أحنا مش ناسيين، صدقوني ساعات الكبار اللي ذي جدو بيبقوا محتاجين يشوفوا قد إيه هما غاليين عندنا، مش بالكلام.. بالفعل.

التاسعة والنصف مساء الخميس، عيد ميلاد جدو يقترب من نهايته، وكما توقعت، المفأجاة والإعداد البسيط أدخل سرورًا واضحــًا على ملامح جدو العزيز، لم يتوقف عن المداعبة والمرح طوال الحفل، كان يبدو أصغر بعشر سنوات من عمره الحقيقي على الأقل، وكأنه يحتفل بعيد ميلاده لأول مرة في حياته.

لا يوجد غرباء، جدو عريس الحفل بالطبع، هناك أبي وأمي.. وأصدقائي (بسبس) و(طاحونة) و(العشوائي)، خالو (منير) أعتذر في اللحظة الأخيرة لظروف عمله، ما الجديد أذن..؟

قولي يا جدو.. أنت عندك كام سنة..؟؟
يتوقف صخب الحفل، وتلتفت كل العيون في فضول واضح، بينما ترتسم إبتسامة عريضة على ملامح جدو:
لو حسبنا عمري ذي ما كل الناس بتعمل، يبقى 71 سنة

أفرك عيناي، في محاولة للفهم:
يعني إيه يا جدو..؟، هو في طريقة تانية عشان الواحد يعرف عنده كام سنة..؟
تزداد أبتسامته أتساعــًا:
طبعــًا في.. طريقة الحساب العادية مش أكثر من عملية طرح لتاريخ الميلاد من تاريخ السنة اللي أحنا فيها، لكن مش هى دي الطريقة الصح عشان تعرف أنت عندك كام سنة، كل واحد فينا من لحظة ما وعي لتصرفاته وأبتدى يعرف الصح من الغلط، لازم يبتدي يعد ويشوف، يا ترى هو أستغل كل السنين دي في حاجات مفيدة وله لاء..؟
أنا مش فاهم يا جدو.. يعني إيه..؟
يعني عمر الواحد لازم يتحسب بالحاجات المفيدة اللي فيه، مش نعمل ذي بتوع الطماطم نحط الحلو على الوش والأسم أن القفص مليان..، الناصح بس هو اللي يحسب عمره بأحسن ما فيه
ياااااااه، على كده أنا هرجع بيبي تاني..
تعلو الضحكات، وتقترب والدتي تضغط على أذني اليسرى:
ليه بقى يا سي (سمسم)..؟
ياماما مش حضرتك على طول تقوليلي أن كل اللي بعمله غلط، وأن عمري ماهعمل حاجة صح أبدًا..!!

من جديد تعلو الضحكات، ويستمر الحفل حتى تعلن عقارب الساعة تمام العاشرة والثلث، فينسحب جدو بعد مصافحة الحضور، قاصدًا غرفتي حيث تعود النوم كلما أتى لزيارتنا، ولأنني أرغب في إستغلال كل ثانية يقضيها معي، فقد أسرعت بالإنسحاب أنا الآخر متعللاً بالرغبة في النوم.

وعلى حافة السرير المواجهة للنافذة، ودون إضاءة الغرفة، وجدت جدو يجلس مستندًا بقبضتيه على عصاه وقد سالت قطرات من الدموع على وجنتيه:

مالك يا جدو، أنت تعبان..؟
يلتفت وقد أنتبه لوجودي، يمسح وجهه ويمد يديه يجذبني لإجلس بجواره:
لا ياحبيبي.. أنا بس أفتكرت حاجة، والظاهر أني سرحت وما حستش بنفسي..
أقترب أكثر، دافنــًا رأسي في صدره الدافئ:
حاجة إيه..؟؟، أنت مش كنت عمال تضحك معانا تحت..؟

أحس أبتسامته دون أن أراها، نبضات قلبه كما طبول الحلم، ويده الحانية تمسح رأسي:
مش عارف  إن كنت هتفهم اللي هقوله وله لاء، أنا صحيح عجوز  بس ده مش معناه أني مولود كده، في يوم من الأيام كنت قدك، كان عندي أحلام وحاجات كتير كان نفسي أحققها، والنهاردة من غير ماتقصدوا فكرتوني بكل اللي راح مني، أفتكرت.. وحسيت بالندم على عمري اللي ضاع من غير ما أوصل لنص اللي كنت بحلم بيه، فهمت حاجة..!؟؟
مش عارف ياجدو، بس هو أنت زعلان ليه.. الأيام جاية كتير، وممكن تعمل اللي أنت عاوزه..

تفلت منه ضحكة، أعلم أنه يتمزق، من العسير أن تُدرك ما يعانيه لو تكن مكانه، الإحساس بدنو الأجل، الإحساس بهروب الزمن من بين أصابعك، الإحساس بإنك ولدت أمس ولم تأخذ من هذا العالم كل ما تُريد، أشياء أجزم أنني لن أُدرك تأثيرها الآن.

النصيحة اللي عايزها تملي ما تغيبش عن بالك، أوعى تضيع لحظة من وقتك في حاجة مش مفيدة، حاول وحاول عشان ماتجيش عليك لحظة ذي اللي أنا فيها دي، سامعني.. ولد يا (سمسم)..!!!؟

الواقع أنني كنت أود أستمرار المناقشة لأكبر وقت ممكن، ولكن حضن جدو الدافئ والإرهاق الذي أعانيه، إضافة إلى رغبتي في تنفيذ نصيحته، كل هذه الأمور دفعتني وبكل جوارحي إلى التركيز في هدف واحد لابد من تنفيذه في هذه اللحظات، النوم.

تمت بحمد الله
Read More

16 ديسمبر 2004

ومن تظنه هناك..؟!!!!!

ديسمبر 16, 2004 0
ربما من الغريب، ومع كل التطور العلمي الذي وصل إليه الإنسان، عبر تاريخ البشرية الحافل.. إستمرار إيمانه بإشياء وأحداث لا تستند إلى إي مقومات أو أسانيد علمية مقبولة.. كحرصه مثلاً على عدم المخاطرة برؤية قط أسود صباحاً، أو ربطه بين أي حدث غامض غير مفهوم بالقوى الخارقة والعفاريت والأشباح...!!

الإنسان ومهما تطورت علومه، في قلبه وعقله نقاط بالغة الإعتام، لن تُضيئها ألاف العلوم والمعارف.. أبدًا.

<><><><><><>
أنطلقت أشجار الطريق الزراعي، بكل ما أوتيت من قوة، تركض كالوحوش على جانبي العربة التي تُقلني مع والَداي إلى منزل جدي الريفي بمدينة الفيوم.

والفيوم، لمن لا يعرف، هي واحدة من محافظات مصرنا الغالية، بعض العامة يُطلق عليها (أول خط الصعيد).. بإعتبار أن محافظات الوجه القبلي تبدأ بها فعلياً، والمحافظة يقع في نطاقها واحد من أجمل المناطق السياحية على وجه الأرض، "وادي الريان" وهو بحق بشلالاته من أجمل المشاهد التي يمكن أن تقع عليها عيناك، بالإضافة إلى وجود "بحيرة قارون" بما تمثله من أسرار وغموض وجمالاً يخلب الألباب.

اليوم هو الخميس، رابع أيام إجازة نصف العام، أخيراً وافق أبي على تلبية الدعوة التي وصلته من جدي لوالدتي بقضاء بعض الوقت في منزل جدي الريفي، سبعة أيام كاملة سأقضيها وسط المزارع والحقول الخضراء، سألعب والهو واشاهد البلهارسيا وجها لوجه لأول مرة في حياتي، بعد أن سئمت من مطالعتها في كُتب الأحياء والعلوم.

• مامي..
• نعم يا (سمسم)..؟
• لسه فاضل كتير ونوصل لبيت جدو
• هاهاهاه، مستعجل أوي، ما أنت لسه مكلمه أمبارح في التليفون
• لاء، أنا مستعجل على اللعب، هو يعني جدو هيطير..!!

طوال الطريق وأنا أفكر في كم اللعب والمغامرات الجديدة التي سأخوضها هناك، في أرض جديدة تطُــأها قدمي للمرة الأولى، صحيح أنني وللمرة الأولى من مدة ليست بالقصيرة أبتعد عن أصدقائي وأفراد فريقي (بسبس)، (طاحونة)، (العشوائي).. صحيح أنني لن أواجه البعبيع لسبعة أيام كاملة.. ولكن حُمى التجديد والبحث عن المختلف لا تُقاوم.

• حضر نفسك يا سيدي، كلها ربع ساعة ونوصل
• بصحيح يا مامي
• أسمع يا (سمسم)
• نعم يا بابا
• عايزك تبقى ولد مؤدب، متعملش مشاكل، ومتضايقش جدك ذي عوايدك، أنت عارف أني مش هقدر أقعد معاكم أكثر من يومين عشان شغلي، هاه هتبقى راجل..؟؟
• عوكيه يا بابا، راجل ومش هعمل مشاكل، كُن مطمئنًا.

كان الأستقبال حافلاً، فطير مشلتت.. عسل نحل.. جبنة قديمة، وخلافه من الأصناف الريفية التي يسيل لها اللعاب، ورغم أن الوقت بعد تناول الطعام لم يكن قد تجاوز الرابعة عصرًا، إلا أنني شعرت بالتعب والإرهاق الشديد، ربما من رحلة السيارة، أو من دسامة الطعام، أو ربما من الأثنين معًا.. المهم أنني قد تعلقت بأصابع جدي أكاد لا أرى ما أمامي هامسًا أني أرغب في النوم حالاً، ثم أنطفئت الأنوار أمامي.

(بسبس) مُستندًا إلى حافة الفراش: يا عيل، كده تلهط الفطير لوحدك.. أخص عليك، يا معفن
(العشوائي) صارخــًا في أذني مُحيلاً طبلتها إلى رق بلدي: أوعى تنساني في شوية عسل نحل، بس رش عليه شوية جزر
(طاحونة) مقتربًا في بطء، يُحيط الظلام ملامحه فيبدو مرعبًا كغزاة الشمال: آه يا عيل، وعملي فيها زعيم

حتى في الأحلام لم يفارقني أفراد الفريق، خمس ساعات أو أكثر قضيتها نائما، كما أشارت أرقام ساعاتي الفسفورية إلى تمام التاسعة والنصف ليلاً، والآن حان وقت اللهو، فركت عيناي ونهضت والظلام الدامس يُحيط بي.. الظاهر النور قاطع..!!

بدأت أتحسس طريقي في غرفة ومكان لم أعتد التجول به من قبل، مستخدما يداي وقدماي وضوء الساعة الواهن، كانت غرفة صغيرة، بإثاث بسيط يبدو القدم واضحًا على جنباته، هناك نافذة إلى أقصى اليمين، لكن للأسف لا يوجد قمر اليوم والظلام أشد سوادًا بالخارج.

هناك أيضــًا دولاب ملابس كبير للغاية يحوي نقوشــًا غير مفهومة، تجلس أعلاه طفلة صغيرة بضفائر ذهبية تحدق في بعيناها الواسعتين فيُخيل للناظر أنهما _عيناها_ تُضيئان، هذا بالإضافة إلى الـ...، مهلاً طفلة... فوق الدولاب..

• مااااااااااااااااااااامي

وأظلمت الأنوار مُجددًا.

<><><><><><>
كانت تجربتي الأولى مع فقدان الوعي، إحساس لا يوصف، وكأنك في اللامكان.. ضوء أبيض يُغشي العيون وأصوات لا تكاد تتبين مصادرها.. موسيقية لبعض الوقت وصرخات في معظم الأحيان، ثم يظهر ذلك الملاك بملابسه البيضاء وعصاته ذات النجمة الذهبية مقتربا تملأ أبتسامة ودود وجهه بالكامل.

• أنتِ مين..؟
• مش مهم دلوقت، أنت ليه خايف ومرعوب، أنا مش هأذيك.
• أنتِ.. أنتِ اللي كنتِ فوق الدولاب، صح
• برضه مش مهم دلوقت.. أهلاً بيك
• لاء لاء، إبعدي أيدك، لاء لاء، لاااااااااااااااااااااااااااء

عطسي، ثم أنتفضت لأجد والدتي وقد أحاطتني بذراعيها والدموع تغرق وجهها، بينما يقف بابا وجدو عند حافة الفراش يُمسك كلاً منهما بشمعة كبيرة أزالت بعضــًا من ظلام الغرفة.

• الحمد لله أهو فاق
• كده برضه يا (سمسسم)، كده تخض مامي عليك
• عطسي، أنا فين..؟

لم أستطع إخبارهم عما رأيت، لا عن الدولاب ولا الحلم، سيقولون طفل مذعور يخترع كي لايبقى وحده في الظلام

• جدو.. هوه النور قاطع ليه
• هاهاه، أنت خايف وله إيه، عموما متقلقش، كلها لبكرة الصبح وحجيب اللي يصلحه
• لاء أنا مش خايف وله حاجة، بس بسئل
• هاهاه، ما أنا عارف، أطمئن أنا مش هسيبك وهتنام معايا النهاردة يا سيدي
• معنديش مانع، أهوه برضه أخد بالي منك

أشارت أرقام ساعاتي الفسفورية إلى تمام الحادية عشرة، حينما أصطحبني جدي العزيز إلى غرفته بالطابق الأرضي من منزله ذي الثلاث طوابق، هي أكبر غرف المنزل تقريبا، إذ تحوي غير أثاث غرف النوم المعتاد على مكتبة لم أشاهد ضخامتها في حياتي، ألاف الكتب بلغات مختلفة، لم يجل بخاطري أن يمتلكها جدي أبدًا.

حمل جدي شمعدان ضخم يحوي عشر شمعات كبيرة فأستحال الظلام إلى ضوء نهار، وإن كان اللهيب المتراقص قد أضفى أجواء غير محببة إلى نفسي.

جلست على حافة الفراش الكبير، مُديرًا عيناي في أنحاء الغرفة، أعتقد أنها غرفتين تم ضمهما إذ ينخفض مستوى أرضية المكتبة ببضع درجات عن باقي أرضية الغرفة، هناك شباكين أحدهما كبير يُطل على حديقة المنزل، والثاني صغير يُطل على ردهة المنزل من الداخل.

الغريب وما أثار أنتباهي بشدة هو أختلاف النقوش الموجودة في كل أثاث الغرفة عن ذلك الموجود على دولاب الملابس صغير الحجم نسبيا بالمقارنة إلى باقي قطع الأثاث.

• جدو، ممكن أسئل عن حاجة..؟
• أتفضل، خير
• ليه الدولاب بتاع الهدوم ده شكله ذي ما يكون بتاع حد تاني؟
• هاهاه، حد تاني إذاي يعني..!!
• قصدي يعني، أن شكله مش ذي باقي الحاجات هنا..؟
• آه، ده صحيح، أصل الدولاب الأصلي كبير شوية ومكنش له مكان هنا
• طب، هوه فين..؟
• أسئلتك كتير يا ولد، عموماً.. هوه فوق في الأوضة اللي أغمي عليك فيها.

هنا، أحسست بلسعة عجيبة تسري في أوصالي، بينما وضع جدي الشمعدان الضخم على منضدة كبيرة أمام المكتبة، وأقترب جالسًا بقربي.

• جدو..
• وبعدين، مش هننام وله إيه النهاردة..؟
• معلش، هوه في حد غيرنا في الأوضة دلوقت

التفت جدي يتطلع إلى عيناي الشاخصتان في فضول مُديرًا عيناه في أنحاء الغرفة، ثم أدار وجهه مجددًا إلى متسائلاً:

• أنت شايف إيه..؟
• أحم.. أنا شايف بنت صغيرة، تقريبًا قدي في العمر، شعرها أصفر وعينيها بتنور
• بتنور..!!، هاهاهاهاهاهاهاها

أستلقى جدي على ظهره من شدة الضحك، كيف لا يراها..؟، جالسة فوق أعلى رفوف المكتبة، تتأملني وتبتسم

• الظاهر أنك تعبان فعلاً يا ولد، يالله يالله نام والصبح نبقى نشوف حكاية البنت اللي عينيها بتنور دي

لم أستطع، جدي ما أن أسند رأسه إلى الوسادة حتى غط في النوم وتصاعد صوت الـ (خ خ خ خ خ خ خ خ خ خ)، بينما لم أتمكن حتى من التظاهر بالنوم، وكيف أفعل والفراش يواجه المكتبة، حيث تجلس تلكِ المبتسمة، وكأن ما يعنيها في هذا العالم هو بث الرعب في نفسي.

ظللنا لبعض الوقت نتأمل بعضنا البعض صامتين، ثم سرعان ما غلبني فضول الأطفال وأرتج عقلي بشلال من الأسئلة، من هي..؟، وكيف صعدت إلى هذا المكان العالي، ألا تخشى السقوط..؟، ثم والأهم، لماذا لا يراها جدي.. لماذا..؟

فكرت أن أترك مكاني على الفراش إلى حيث المكتبة، ربما أجد جوابـــًا على أي من أسئلتي، فما كدت أعتدل في جلستي، حتى قفزت الفتاة ذات الشعر الأصفر، وكأنها طائرة ورقية، مُحلقة في سماء الغرفة.. قبل أن تتوقف في الهواء عِند حافة السرير، وقد إزدادت إبتسامتها أتساعًا:

• هاي.. تحب نلعب سوى

أعذروني، فمهما تظاهرت بالحكمة وقوة الشخصية_ بإعتباري زعيم لشلة من المعـ.. من العباقرة_ فلم يكن بإمكاني الصمود مع هذا التطور اللطيف، لذا فبكل شجاعة وبلا تردد أستدرت إلى حيث رأس جدي، وأنحنيت واضعًا فمي في أقرب موضع من أذنه صارخــــًًا:

• الشمعة أنطفت يا مااااااااااااااااااااااااامي

وعادت الأضواء لتُظلم حولي من جديد

<><><><><><>
في الصباح، تناولنا طعام الإفطار دون أي ملمح عما حدث مساءًا.. الواقع أنني لم أحاول الأستفسار هذه المرة، ليس خوفــًا من أن يُفهم موقفي بشكل خاطيء ويتم أتهامي بالجبن أو الفزع الطفولي، أنما كوني أفتقر إلى ما أسئل عنه أساســًا.

صعب جدًا أن تسئل عن شيء لا تدري كنهه، لهذا ألتزمت الصمت، وتظاهرت بالهدوء.. وكأن شيئًا لم يكُن.

• أنا هخرج ألعب بقى يا ماما
• متروحش بعيد يا ولد، خليك قريب جمب البيت
• ليه.. أنا عايز أشوف البحيرة

يبتسم جدي، وقد أنتهى من تناول طعامه، ويجذبني من كتفي ليُجلسني على قدميه مُحيطــًا وسطي بذراعه:

• وبعدين يا سي (سمسم)، معقول برضه تروح البحيرة لوحدك كده، مش أتفقنا هنروح مع بعض بكرة
• هممممممم..، طيب مفيش مانع.. بس المهم أنك متنساش، أنا عايز أعمل حاجات كتير قوي في الكام يوم دول

يتبادل ثلاثتهم _جدي وأبي وأمي_ الضحك والأبتسام، بينما أسرع مغادرًا المنزل إلى حيث الحديقة الواسعة.

لبعض الوقت رحت أركض يمينًا ويسارًا في أنحاء الحديقة الواسعة، أتعلق بأفرع الأشجار، أتحسس الأزهار المتفتحة بأوراقها شديدة النعومة، ألهث خلف بعض الفراخ والأوز.. أمسك (كتكوت) صغير شعر بالرعب ما أنا وضعته أمام وجهي.

ثم لا شيء، صعب جدًا أن تلهو وحدك وقد تعودت حياة الجماعة، جلست على جذع ضخم لا أدري ماذا أفعل، آه لو أن أفراد الفريق هنا الآن.. لما وقف أمامنا شيء، لأستحال الوقت إلى لهو ما بعده لهو.. ولكن أين هم الآن..؟، ألأف الكيلومترات تفصلني عنهم، خسارة.

• وليه خسارة..؟، أنت بس أأمر وأنا أجيبهملك هنا طيارة.

أجفلت متطلعــًا إلى الناحية الأخرى من الحديقة، حيث أقتربت تلك الفتاة ذات الأعين المُضيئة، تسبح في الهواء وهي تبتسم كالعادة، فهببت مُلتصقــًا بالجذع الضخم، بينما توقفت هي على بعد سنتيمترات من مكاني، دون أن تبرح مكانها في الهواء.

• ما رديتش يعني، تحب أجيبهملك حالاً..؟
• همــ.. هما مين دول.؟، أنـ..أنتِ عايزة إيه بالضبط.
• أنت خايف ليه؟، أنا عايزة ألعب معاك، تحب أجيب أصحابك عشان نلعب كلنا سوى

كدت أصرخ مجددًا، طالبًا عون الكبار، ثم توقفت في اللحظة الأخيرة، وقد ألمني للغاية أن يتغلب علي الخوف للمرة الثالثة، فتماسكت.. وعدت أجلس مستنشقــًا أكبر كم من هواء المزارع النقي، ومحدقــًا بتلك المبتسمة مستفسرًا.

• أنتِ عفريتة..؟!!!!!!!!
• هاهاهاه، لاء طبعًا، هو في عفاريت بتطلع في النور..؟، العفاريت بتستخبا في الضلمة عشان تخض الناس
• آمال أنتِ إيه..؟
• أنا (سولي)، الساحرة المبتسمة

أبتلعت ريقي متظاهرًا بالامبالاة، وكأنني أقابل ساحر أو ساحرة كل يوم، بينما أبتسمت هي في خبث تتطلع بعيناها الواسعتين في ملامحي:

• هاه، أجيبهم وله معدتش عايز تلعب..؟
• لاء عايز، بس لما العيال يجيوا أقولهم تبقى إيه..؟
• هممممم، بسيطة.. قولهم دي صاحبتي الساحرة
• هع هع، ساحرة.. ياماما العيال دي بيخافوا من الصراصير.. أقوم أقولهم دي ساحرة!!
• لاء فالح.. آمال هيعرفوا إذاي جم هنا لو مقلتش أني ساحرة..؟

منطق معقول، أفراد الفريق لن يستوعبوا مسألة السحر تلك، وستندلع الأسئلة كلفح الحمم، ويضيع الوقت كالمعتاد في محاولات الشرح والتفسير، المشكلة الحقيقية التي تواجه أي عبقري أو زعيم عند تعرضه لموقف يحتاج رد فعل سريع، هي التأثر بالمناخ المُحيط، فلو أنك بمكان يسمح بصفاء الذهن وحسن ترتيب الأفكار لما أستغرق الوصول إلى حل أعتى المشكلات سوى بضع لحظات، بينما يختلف الحال تماما في أمكنة من الصعب للغاية أن تجد موضعًا بها لتسند رأسك، فما بالك بالتفكير..!!

• أنتَ لسه هتفكر، أنا هبقى أتصرف بعدين

وبينما تواصل (سولي) سباحتها في الهواء بمنتهى اللامبالاة، ظهر أفراد الفريق حولي بغتة وقد كست ملامحهم علامات الحيرة والخوف، خاصة مع مشهد السباحة الهوائي المتفرد.

(بسبس) وهو يتوارى خلفي معتصرًا كفي بين فكيه: واد يا (حُسّ).. كراماتك يا عم الشباب، أحنا فين وتبقى مين بسلامتها
(العشوائي) وقد أنخفضت نبرات صوته بقدرة قادر 360 درجة كاملة: والنبي يا زعيم، أوعى تكون دي الله أما أحفظنا..؟
(طاحونة) وقد تعلق بغصن قريب، متظاهرًا بكونه الأكثر شجاعة: ما ترد يا بني آدم.. مش شايف العيال دمهم هرب

كان من الصعب للغاية أن تصل مبرراتي لأفراد الفريق وسط الصراخ والعويل الصادر عن أفواههم، الأسواء أن (سولي) قد أعجبها ما تراه فأتسعت أبتسامتها أكثر وتعالت ضحكاتها تملأ أجواء الحديقة..

• ولد يا (سمسم)، إيه الصوت ده..؟، أنت في حد معاك..؟!!!
• لا أبدًا يا مامي، أنا لوحدي أهوه

جذبت أفراد الفريق بعيدًا في أقصى ركن بالحديقة، وأشرت إلى (سولي) فسبحت في الهواء تتبعنا.

• جري إيه يا عيل منك له، ده جزاتي أني عايزكم تلعبوا معايا

تنحنح ثلاثتهم في حرج، بينما أعينهم لا تفارق حركات (سولي) العشوائية في الهواء.

(بسبس) يقترب من مكاني، فأضع كفاي في جيب السروال: عداك العيب يا (حُسّ)، بس مش تقولنا تبقى مين طنط، وإذاي جينا هنا..؟
(سولي) مكشرة عن أسنانها، تطوح العصاة ذات النجمة: طنط..!!!، طنط ده إيه، أنا أسمي (سولي) منك له
(طاحونة) وقد ألتصق بـ (العشوائي) كما لو أنهما توءم سيامي: هو حضرتكِ تبقي عفريتة..؟
(سولي): مش بالضبط..
(العشوائي): طب أنتِ تقربي لـ الله أما أحفظنا الله أما أحفظنا، اللي بيقولوا عليه شمهورش
(سولي) ههههههههههههههههه، برضه مش بالضبط، ثم مفيش حاجة أسمها شمهورش

الثلاثة في صوت واحد: آمال أنتِ مين..؟ وأحنا جينا هنا إذاي..؟

وبدأ اللعب دون أن نحصل على أي جواب منها، ثم أنتهى بغتة وكأننا بدأنا للتو، للأسف الشديد فأوقات المرح والسعادة دائمًا وأبدًا قليلة وقصيرة، قبل أن تشعر روحك بلذتها وجمالها تتبخر وكأنها لم تكن، بينما يُخرج لك الدهر لسانه، يسخر منك ومن تفاهتك في التعلق بأمور لن تُضيف إلى سجل حياتك شيئًا يُذكر.

أقتربت الساعة من السادسة مساءً، حينما أختفى أفراد الفريق من أمامي وكأنما لم يأتوا أساسًا، فألتفت إلى (سولي)، وقد جلست فوق جذع قريب، عيناي تغالبان دموعهما..

• خسارة، الوقت مر بسرعة
• معلش، المهم تكون أنبسطت
• أنبسطت بس، دي أول مرة أحس فيها بحلاوة اللعب مع العيال المعـ.. قصدي العباقرة دول
• هههههههه، فعلاً دمهم خفيف خالص، بس أبقى قول لأسمه إيه ده يوطي صوته شوية
• هههه (العشوائي)، كان غيرك أشطر، لكن المهم.. أنتِ متأكدة أنهم مش هيفتكروا حاجة م اللي حصل
• طبعًا، أنتَ لسه بتشك في (سولي)..!!!

لم أكن بطبعي من المتشككين، أنما أحببت التأكد، فـ (سولي) أخبرتني أنها ستُعيد أفراد الفريق كما أحضرتهم، ماحية من عقولهم تلك اللحظات التي قضيناها معــًا، حرصًا على سرية وجودها من ناحية، وخوفــًا من فساد عقول أفراد الفريق من ناحية أخرى..!!

• ولد يا (سمسم)
• أيوة يا جدو
• كفاية لعب بقى وتعالى هنا
• حاضر، أنا جي أهوه

ألتفت مبتسمًا لأودع صديقتي (سولي)، ولكنها لم تكن هناك، أختفت.. تبخرت وكأن لم تكن

<><><><><><>
في الأيام الثلاث التالية، طال بحثي عنها دون جدوى، حتى صرت مقتنعًا بأن عقلي قد أفتعل كل ما مررت به، هذا مؤكد.. وإلا فأين أختفت، ولماذا لم تعد تظهر.. لماذا..؟

• إيه، مالك يا ولد..؟، بقالك كام يوم سرحان وله اللي ضايع منه حاجة
• أسمع ياجدو
• هاه
• أنا هقولك على حاجة، بس أوعى تقول لحد، أحسن أزعل منك وأبطل أديلك العسلية اللي ماما بتديهالي
• ههههههه، ماشي يا سيدي.. قول

لبضع دقائق، قصصت على جدي كل ما يتعلق بـها، بـ (سولي)، منذ اللحظة التي رأيتها أعلى الدولاب في غرفة النوم العلوية، وحتى أختفت بعد أن أنتهى اللعب مع أفراد الفريق في الحديقة منذ ثلاثة أيام.

• هممممممم، أنت بتقول إن أسمها (الساحرة المبتسمة)..؟
• أيوة، هي قالت كده

علت وجه جدي أبتسامة غامضة، تحمل من الخبث وعدم التصديق كمًا هائلاً، ثم نهض متجهًا إلى سُلم ضخم لم أنتبه لوجوده إلا حين جذبه جدي واضعًا إياه في مواجة المكتبة، بالتحديد في النقطة التي كانت تجلس بأعلى رفوفها (سولي) يوم أن رأيتها لثاني مرة..

• إيه يا جدو، أنت هتدور جمب الكتب..؟
• لاء.. أنا هدور عليها وسط الكتب

لم أفهم مغزى العبارة إلا حينما هبط جدي بعد دقائق، حاملاً بين يديه كُتيب متوسط الحجم تعلوه الأتربة..

• مش برضه هي دي..؟

حدقت في غلاف الكتاب غير مستوعب، فأستدار جدي إلى ركن آخر مُزيحًا أتربة الدهر عن الغلاف، ثم مُعيدًا أياه _الغلاف_ أمام وجهي مكررًا نفس العبارة:

• مش برضه هي دي..؟

مجددًا حدقت في الكتاب بأوراقه التي صارت أقرب إلى السواد منها إلى اللون الأصفر علامة على القدم، بينما الغلاف ملون، تتوسطه صورة لفتاة صغيرة تسبح وسط السحب، وحولها مجموعة من الطيور حمائم وعصافير.. ويمام، صورتها هي، صورة (سولي)..!!

• أنا مش فاهم، أنا أول مرة أشوف الكتاب ده هنا

أقترب جدي جالسًا بقربي على حافة الفراش، واضعًا الكتاب على الكومود المجاور للسرير حيث نجلس في غرفته:

• مش مهم تكون شفته هنا
• لاء يا جدو، أنتَ كده قصدك إني بألف حدوتة من أسم الكتاب

هز جدي رأسه في عدم أقتناع، ثم جذب الكتاب مرة آخرى، مقلبًا صفحاته بسرعة، ليتوقف عند صفحة بعينها وضعها أمامي مُشيرًا إلى رسم ضخم يحتل ثُلثي الصفحة، رسم لتلك الصغيرة (سولي) وهي تلعب مع بعض الأطفال في حديقة منزل ضخم، كان عدد الأطفال أربعة، كان أحدهم طويل القامة عن باقي رفاقه، كان يلعبون لعبة لا يمكن أن تُخطئها العين أو تسهوا عنها الذاكرة.. لعبة قضيت ورفاقي نصف وقتنا ذلك اليوم في ممارستها..!!

• إيه رأيك..؟
• أنا.. أنا مش فاهم، صدقني يا جدو دي أول مرة بشوف فيها الكتاب ده

لأول مرة في حياتي أشعر بكل هذه المهانة، كيف ساقني القدر إلى هذا الموقف السخيف..؟، كيف أصبح (حُسّ) الزعيم متهم بتأليف القصص وأختلاق الحكايات الوهمية لجذب الأنتباه..؟، كيف..؟

كان تبرير جدي: أنني شعرت بالوحدة كوني أبتعد عن رفاق الطفولة لفترة كبيرة، فأخترع عقلي تلك القصص كمحاولة للهروب من الواقع والسباحة في عالم خيالي مسل، ريثما أعود إلى رفاقي، بل لقد أكد جدي أنه لم يغفل عني ذاك اليوم _الذي أزعم حسب رأيه أنني لعبت ورفاقي به_ بل أنه كان دائم المتابعة لي من نوافذ البيت، وأنني قضيت كل الوقت أركض خلف الأوز والطيور الأليفة التي تملأ حديقة المنزل.!!!!

• مش ممكن، مش ممكن أبدًا يا جدو
• بسيطة، إيه رأيك نتصل بإي حد من أصحابك ونسأله..؟
• أيوة، نتصل بـ..، لكن نتصل إذاي، دي قالتلي أنها هتنسيهم كل حاجة
• تاني، أسمع.. أنا بحبك عشان أنت ولد مُطيع وذكي، تقدر تقولي أنت عايز إيه من حكاية ذي دي..؟
• مش عايز والله، أنا عايزك تصدقني بس
• يووووووووه، نام.. نام والصبح هنشوف حل للموضوع ده

أنام، بهذه السهولة.. مستحيل، أنطفئت أضواء المنزل بالكامل، أوشك الفجر على الحلول ولم يُغمض لي جفن، أين ذهبت..؟، لماذا أختفت على هذا النحو..؟، لماذا تركتني وحدي في هذا الموقف.. لماذا..؟

زيييييييييء، تك تك تك تك تك تك
أنقطع حبل أفكاري بتلك الأصوات الخافتة، فألتفت نحو مصدره حيث باب الغرفة والمزلاج..، أقتربت على أطراف أصابعي، بجسد مرتعش وذهن مكدود من كثرة التفكير، مادًا يميني إلى حيث هو المزلاج.. وفجأة

• هاي.. أتأخرت عليك..؟

<><><><><><>
في طريق عودتنا إلى القاهرة، أسترخى جسدي تمامًا في المقعد الخلفي لسيارة جدي الذي أصر على أن يُعيدنا بنفسه، خاصة ووالدي لم يستطع الحضور لمشاغله..

مكثت في مكاني متظاهرًا بالنوم، وذكري الأيام السبعة تركض أمامي في مشاهد متتابعة، كلها لن تُمحى من ذاكرتي بسهولة، كلها بلا أستثناء.. خاصة تلك المشاهد المتعلقة بها، بـ (سولي) الساحرة المبتسمة.

لازالت كلماتها، يوم أن رأيتها للمرة الأخيرة، ترن في أذني، كانت حزينة لإفشائي سر وجودها أمام جدي، كادت تختفي من حياتي للأبد، عشان طلعت عيل، ثم تراجعت لإحساسها ببراءة تصرفي.

إنها تحيا منذ الأزل في عقول الأطفال ممن يماثلونها عمرًا، تلهو وتمرح وتلعب معهم، تقضي أسعد الأوقات بصحبتهم، ثم تختفي مخلفة أفضل الذكريات وأقربها في قلوب وعقول كل من صادفها، وتعرف إليها.

المؤسف أنني لن أتمكن من رؤيتها إلا في الأحلام، لن أراها على أرض الواقع إلا لو زرت جدي ومنزله.

الطريف في الأمر، كان موقف جدي ووالدتي، لقد تصورا أن مكروهًا قد أصابني، بل كادا يستسلمان لنصيحة واحدة من فلاحات القرية بإقامة زار من أجلي..!!!!!!!!!!

طريف جدًا ما يُفكر به الكبار، أن تفكيرهم حال مصادفته لأمور صعبة التفسير يقفز قفزًا نحو أقرب الحلول وأيسرها، العفاريت، ذلك التفسير الذي تتوقف معه، عادة، كل محاولات التفكير والبحث المنطقي والسليم وتبدأ مرحلة أخرى من سوء التصرف والأفعال غير المقبولة، دينيًا وخُلقيًا.. للأسف.

تمت بحمد الله
Read More

Post Top Ad