شماريخ ستاد القاهرة.. الدبة التي (قد) تقتل صاحبها!!


تذكرت هذا الموروث الشعبي (مجهول الهوية)، الذي يحكي عن عابر سبيل مر بأرض قاحلة، فعثر على دب هائل وقد سقط في فخ صياد، أنهكه التعب والعواء، فأقدم الرجل الطيب على فك أسر الدب، معتبرا أنه يصنع به معروفا.

ولأن الدب كان موشك على الهلاك، فقد أفرحه تصرف الرجل إلى حد أنه قرر مرافقته، والذود عنه لحمايته من كل شر أو مكروه!!.


وهكذا سار الخليلان معا، حتى أنهكهما التعب، فرقد الرجل في ظل شجرة ونام، وإلى جواره جلس الدب يرقب صاحبه (ليحميه)، فإذا بذبابة تحوم وتدور وتقف على وجه الرجل مصدرة أزيز عال أصاب الدب بالجنون.

ولأن الدب أخذ على نفسه عهدا برد الجميل للرجل الطيب، فقد هب من مكانه وأنتزع حجرا هائل الحجم مقبلا على صديقه النائم ليدرء عنه خطر الذبابة الملعونة!!

ماتت الذبابة بالطبع، ومعها الرجل الطيب، الذي لم يكن يتخيل أن صنيعه سيودي به إلى حتفه، في حين لم يدرك الدب أن ما فعله لم يكن يحمل أي ذره من حكمة أو تفكير، لأنه في النهاية تصرف بدافع هو خليط من تعصب وقتي ورغبة في رد جميل الرجل المسكين.

وبالأمس تجسدت القصة على ارض استاد القاهرة الدولي الذي أحتضن مباراة الأياب في دور الـ 16 لدوري أبطال افريقيا بين الأهلى وضيفه الزامبي (زيسكو)، وهو اللقاء الذي انتهى بتأهل الأهلى لدور المجموعات (دور الثمانية) بهدف (الزئبقي) محمد بركات في الدقيقة 67 من تمريرة ثنائية مع (المدافع) وائل جمعة.

المباراة شهدت خروج جماهيري غير مبرر أو مقبول عن النص، قد يتسبب في إقصاء الأهلى من البطولة (برغم تأهله)، في تصرف أشبه بحكاية الدب.

ففي الدقائق الخمس الأولى من الشوط الثاني، استغل جمهور الأهلي أن لائحة الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (كاف) لا تشمل عقوبات على الفرق التي تشعل شماريخ، بعكس لوائح الاتحاد المصري لكرة القدم، وبدأت حفلة شماريخ كبيرة في الاشتعال لتخلق أجواء مشابهه لما يظهر في الملاعب الإيطالية.

وصاحب اشتعال الشماريخ، إلقاء معلبات دخانية تصنع مشاهد ملونة في المدرجات ما خلف سحابة ضبابية كثيفة فوق أرض الملعب حجبت الرؤية تماما لبضع دقائق، ليقرر حكم المباراة إيقافها والتهديد بإلغائها، مالم تتوقف حرب الشماريخ، وهو ما أستجابت له الجماهير بعد تحذير المذيع الداخلي لاستاد القاهرة.

الواقعة صاحبها إصابة بيلي موانزا مدافع زيسكو بإحدى المقذوفات، وخرج من الملعب محمولا إلى المستشفى لإسعافه، بعد أن فشلت جهود علاجه على أرض الملعب.

الأحتفالية الصاخبة التي أطلقها جمهور الأهلى (بإتفاق مسبق)، جاءت تعبيرا عن السعادة بموقف مجلس إدارة النادي الذي أعلن في بيان رسمي رفضه لتصريحات محافظ بورسعيد عن أحداث الأشتباكات التي وقعت بين جماهير الأهلى والنادي المصري، في المحافظة الساحلية قبيل ساعات من لقاء الفريقين في الدوري العام.

وأكد الأهلى في بيانه رفضه التام لتصريحات المحافظ التي حمل فيها جماهير الأهلى أسباب الأشتباكات ووصفها بالمغلوطة، مشيرا إلى ما تعرضت له جماهيره في بورسعيد وإجبارها على العودة للقاهرة وحرمانها من دخول المباراة ومساندة فريقها.

وطالب الأهلي في بيانه بضرورة التحقيق لتحديد المسئول عن عدم حماية اللاعبين والجماهير فى بورسعيد، كما طالب بالتحقيق في منع غالبية جماهير الأهلي من حضور المباراة وحرمان الفريق من دعمهم أثناء المباراة وعدم توفير التأمين المناسب لهم.

البيان، والموقف الحازم الذي أعلنه مجلس الإدارة برفضه إهانة جماهيره أو تحميلها ما لم تقم به، هو ما دفع الجماهير لمحاولة (رد الجميل) عمليا وبأقصى سرعة.. لكنها لم تدرك أن ما فعلته في مباراة زيسكو (أشبه بما فعله الدب بصاحبه)، وقد يكلف الفريق توديع دوري الأبطال بحسب تصريحات الحكم الدولي السابق "جمال الغندور" التي أكد فيها أن تقرير مراقب المباراة لو أشتمل على حفلة الشماريخ وإصابة لاعب الفريق الضيف، فقد يصل الأمر لإعادة المباراة أو احتساب نتيجتها لصالح زيسكو!، أو على الأقل حرمان الفريق من جماهيره في المباريات المقبلة للبطولة، وكلها بالطبع خسائر كارثية.

فهل يكون موقف مجلس إدارة الأهلى الحازم لرد اعتبار جماهيره، أشبه بصنيع عبر السبيل الذي دفع حياته ثمنا لشهماته؟، الكاف وحده هو من سيجيب عن هذه التساؤلات.

بقي أن نشير إلى أن اللاعبين والجهاز الفني للفريق أعربوا عن استياءهم من الواقعة ووصفوها "بتصرف غير مسئول"، فقال أحمد ناجي مدرب حراس المرمى أنه يقدر عشق الجماهير للفريق، لكن مثل هذه التصرفات قد تكلف النادي خسائر كارثية "كدتم تتسببون في خروجنا من البطولة".

وقال وائل جمعة "الأهلي في النهاية هو الخاسر الأوحد سواء بالغرامة أو الإيقاف"، مطالبا الجماهير بالهدوء والتعقل "ما يحدث زاد عن الحد".

فيما كانت أخف التعليقات من جانب سيد معوض الذي تمنى ألا يتعرض الأهلي لعقوبات مستقبلية.

إرسال تعليق

0 تعليقات