لم أختبر احساس التوتر منذ زمن، ربما منذ انهيت تعليمي الجامعي، وما يحدث منذ وطأت قدماي وانجي هذه المخروبة (
*راجع الجزء الأول لمزيد من التفاصيل)، فجر داخلي كوكتيل كامل من المشاعر والاحاسيس التي لم اكن اعرفها، ولم أكن انتوي التعرف إليها، ولم اظن للحظة أنني قد اختبرها في أسوأ أحلامي.
نحو خمس ساعات مرت وأنا محتجز مع زوجتي في شقة ذلك الساحر السابق مجهول الهوية، التي قادنا الحظ العثر لتأجيرها فترة من الزمن حتى نُنهي بعض التجديدات والإصلاحات في منزلنا، لنفاجىء بأن الساحر أو ما تبقى منه، يتجول بحرية في انحاء الشقة مستخدما أسلوب الأبراص في التحرك على الأسقف والحوائط، وأنه خرمان شاي وسجاير!
*******
إنجي المسكينة لم تحتمل كل هذا التوتر، وبدأت بشكل متوالي يثير الإعجاب والحسد الإستسلام لفقدان الوعي كلما ظهر أو تحرك هيكل الساحر الغريب هذا، فيما ابقى وحدي غارقا في العرق والخوف عليها وعلى شخصي من أي تصرف أو تحرك غير محسوب، قد يعتبره أخينا هذا تهديدا لشخصه أو لمسكنه ومقتنايته الثمينة.
وفيما أراقب لحظات الشروق من النافذة المواجهة للحائط الذي استند عليه في إحدى غرف الشقة، وتتمدد إنجي إلى جواري لا أعرف إن كانت نائمة أم تدعي النوم أو هي حقا فاقدة للوعي، لمحت الهيكل اللطيف يتحرك هبوطا من السقف كالعادة باتجاه النافذة وهو يتأفف "بلاش تفتح الشيش تاني يا أخو.. ما بنحبش الشمس أنا، وبالله عليك فوّق المدام خليها تعملنا شفشق شاي أحسن دماغي بتلق!"
*******
مع كوب الشاي الثامن أو التاسع من الشفشق الخامس، بدا أن الهيكل العظمي قد ارتوى اخيرا، إذ اسند ظهره إلى خزانة قديمة مشعلا سيجارة لا أعلم من أين آتى بها، وهو يحدق في فراغ الشقة المظلم الذي يوشك نور الصباح على أن يبدده برغم أننا اغلقنا كل المنافذ الموجودة لنمنع أشعة الشمس من اقتحام المكان، ثم أنه التفت إلىّ وإلى زوجتي "أنا استريحتلكم أوي يا أخو.. بص أنا هنقولك على مكان الكنز بتاعي تستنفع بيه، بس حياة أبوك قول لجيجي تعلق لنا على شوية شاي نروق بيها القاعدة العنب دي!"
يتبع