قالت إنجي متعجبه وهي تتأمل الهيكل العظمي الراقد أمامنا على مكتب يتوسط الحجرة في ضوء مصباح باهت, بينما أجاهد لإصلاح عطل التيار الكهربائي, "هي دي كانت شقة ساحر فعلا", هززت رأسي أن نعم "البواب والسمسار قالولي أنه كان بيمشي على الحيطة زي البرص"
*******
كنت في وضع عنكبوتي أسفل حوض المطبخ اسعى جاهدا للعثور على موضع التسرب الذي يغرق الأرضية صانعا بركة من المياه الراكدة كريهة الرائحة, فيما تلاحقني إنجي بالنصائح عديمة الفائدة "ما تجربي البورجاز ده وتعملينا كوبايتين شاي" , توقعت أن ترد بجملة شرسة كالعادة, فلما طال صمتها اخرجت رأسي الغارق في العرق لتصطدم عيناي بنظرة رعب جمدت الدماء في عروقي, فتطلعت إلي حيث تركزت ملامحها متوقعا رؤية برص أو صرصار أو حتى عنكبوت, لكن الهلع أحتل كامل كياني حين شاهدت ذات نفس الهيكل العظمي إياه متدليا من السقف يتطلع إلينا بعينيه الخاليتين من الحياة, قبل ان تكتمل الصورة المبهجة بالصوت الذي صدر من ناحيته وهو يتحرك هابطا إلي الحائط "خليهم ثلاثة يا جيجي بس سكر برة وحطي فتلتين عشان خرمان"!
*******
لكن إنجي الرقيقة لم تحتمل مشاهدة الهيكل العظمي يشاركنا شرب الشاي الذي أعدته بنفسها, ففقدت الوعي, فيما تماسكت بصعوبة وأنا أُغلق عيناي كلما سمعت صوت الححححححح الذي يصدره مع كل رشفة, فتركته يعزف مستمتعا واغلقت أبعد غرف الشقة عن المطبخ علي وعلى إنجي من الداخل مبتهلا إلي الله ان تنتهي هذه الليلة دون أي تطورات إضافية, وبدا أن الأمور ستسير بالفعل نحو الاحسن حتى تعالى صوت طرق خفيف من داخل دولاب خشبي قديم بركن الغرفة هبت معه إنجي واقفة وقد استردت كامل وعيها .. وهلعها, لكنني حسمت ترددي متكئا على خوفي, وجذبت المقبض الصديء لنفاجيء إنجي وأنا بالهيكل صديقنا يجلس القرفصاء قابضا على سيجارة مشتعلة يغادر دخانها فتحتي انفه للتو "لمؤاخذة يا أخو بس دورق الشاي اللي سبتوه في الموطبخ خلص وأنا لسه خرمان!".
*******
يتبع