وعلى ما يبدو أن هذه الملاحظات لن تتوقف أو تنتهي، في ظل اللامبالاة و(قلة الإحساس) التي تنتاب عدد لا بأس به من مرتادي بيوت الرحمن، بشكل يدفع للتساؤل عن النية التي يغادرون بها منازلهم قبل التوجه للمساجد!!.
- عدد قليل جدا من المساجد التي نرتادها بشكل يومي، تجد خدمه وقد حرصوا على الأعتناء بنظافته، فلا ذرة غبار، ولا رائحة منفرة تصيبك بالغثيان كلما تسجد، بينما الأغلبية العظمى (للإسف الشديد) تلتصق بجبهتك أشياء غريبة كلما لامست الأرض، وتستنشق أنفك رغما عنك روائح ما أنزل الله بها من سلطان.
الغريب أن معظم المساجد في وقتنا الحاضر بها أحدث الأجهزة الإليكترونية التي توفر الجهد والوقت في عمليات التنظيف، فما سبب الأهمال؟
- قد يتلو الإمام بعض من آيات الذكر الحكيم التي يوجه بها المولى عز وجل نظر المسلمين إلى قضية معينة أو مشكلة ما، أو قصة من الأثر، يدفع التأثر بها والتدبر في معانيها بعض المصلين إلى البكاء خشوعا ورهبة من المولى عز وجل، لكن الغريب في الأمر أن البعض يزداد تأثره لحد النحيب والصراخ فيشتت الإمام ويخرج المحيطين به عن دائرة الخشوع.
- مشهد غريب نراه دائما في اللحظات التي تلي تسليم الإمام، إذ يندفع عدد غير قليل من المصلين نحو باب المسجد فور انتهاء الصلاة، غير مبالين بأخوانهم ممن لم يتموا صلاتهم بعد، فيقطعوا الطريق أمامهم على الرغم من أن هذا الأمر لا يجوز، والأدهى أنك لو حاولت منعه ومددت يدك لتنبهه أنك لازلت تصلي، فأنت مخطيء تنشغل بما حولك عن الصلاة.. وقد يتمادى آخرون ويبطلون صلاتك ويؤكدوا أنها لن تقبل وعليك إعادتها!!.
- التأمين بعد فاتحة الكتاب خلف الإمام في الصلوات الجهرية، وبالرغم من أنه هبة عظيمة منحها الله لعباده، فمن وافق تأمينه تأمين الإمام والملائكة غفر له، إلا أنك تجد أشكال وطبقات مختلفة من الأصوات، فهناك من يعلو صوته كالأجراس، ومن يمد حرف الألف أو النون، أو كليهما معا، والنتيجة نغمة نشاذ يصعب أن تخرج منها بتأمين جماعي (للإسف).
- صفوف الصلاة تشهد وبشكل يومي أشكال عدة ومختلفة من الوقفات، على الرغم من أن النبي المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام قال فيما روي عنه "صلوا كما رأيتموني أصلي"، فمثلا بالنسبة لوضعية الأيدي هناك من يعقد ساعديه أعلى صدره، ومن يضعهما على بطنه، ومن لا يعقد ساعديه من الأساس فيقف وكأنه ينتظر في طابور جمعية أستهلاكية، والوضع الصحيح المعروف فقهيا هو ما بين السرة والصدر.
وبالحديث عن أوضاع الصلاة، فكثير من المصلين إما يجهلون أو يتجاهلون الوضعية الصحيحة للركوع والسجود، فتجد من ينحني راكعا واضعا يديه على قصبة قدمه أو يرتفع فيضعهما على فخذيه، والأصح أن يكون ركعوه بزاوية تسعين درجة واضعا يديه على ركبتيه دون إنحناء للخلف أو ميل زائد للإمام.
والأمر نفسه عن السجود، إذ غالبا ما تجد الساجد وقد ضم قبضتيه بدلا من بسطهما، أو الصق كوعيه بركبتيه (ما يعرف بوضعيه الكلب التي نهى الرسول الكريم عن الإتيان بها في الصلاة)، والأصح أن تلامس جبهته الأرض بين كفيه، وتبتعد قدميه عن كوعيه، وتلامس أصابع قدميه الأرض بدورها، لا تبقى ممرجحة في الهواء!!.
ومن المستحب، خاصة في صلاة الجماعة، ألا يبالغ المصلي في فرد زراعيه إلى جانبيه أثناء السجود بحيث يضيق المساحة على جيرانه، صحيح أن هذه الوضعية وصى به الرسول صلى الله عليه وسلم للإبتعاد عن التشبه بالحيوانات، لكنها وضعية خاصة بصلاة الفرد منفردا في بيته أو في النوافل، أما في صلاة الجماعة فالأفضل أن يحرص المسلم على حق أخيه في الصلاة دون مضايقة أو تشويش.
- مع دخول العشر الآواخر من شهر رمضان المبارك، والبدأ في صلاة التهجد يوميا، يتوقف عدد من المصلين عند الركعة الثامنة لصلاة التراويح مفضلين القيام بصلاة الوتر (ثلاث ركعات متصلة بتشهد واحد) عقب صلاة التهجد، لا سيما وأن رسولنا المصطفى صلى الله عليه وسلم نهى عن الوتر مرتين في ليلة واحدة.
المشكلة أن هؤلاء يمكثون في المسجد غير مبالين بمن يتبعون الإمام في صلاة الوتر عقب التراويح، وتعلو أصواتهم بالحديث وأحيانا بالضحك، وكأن من في المسجد سراب أو أشباح!.
- الخشوع روح الصلاة.. والنظر إلى موضع السجود أقرب للخشوع، هي الجملة التي دائما وأبدا ما ينطق بها الإمام قبل الشروع في كل صلاة، ومع ذلك فمن الجائز أن تجد جارك في الصف وقد رفع عينيه إلى أعلى مائلا بجذعه للخلف وكأنما يدقق في نقوش المسجد العلوية، ويتأكد من نظافة السقف!!.
اللهم تقبل منا الصيام والقيام.. وأرزقنا الجنة وقنا عذاب النار
0 تعليقات