في تدوينتين سابقتين (1) (2)، ذكرت بعض الملاحظات السلبية التي يعايشها المصلون في بيوت الله أثناء تأدية الصوات اليومية، ولاسيما صلاة التراويح التي شرعها المولى عز وجل، ووصى بها النبي الكريم عليه الصلاة والسلام، حتى نحصد الحسنات في شهر رمضان المعظم.
والواضح أن هذه الملاحظات لن تتوقف، إذ تتذكر أو تصادف يوميا ما يثير حنقك وغيظك من اللامبالاة التي يتعامل بها بعض المسلمين مع مهابة الصلاة داخل بيوت المولى عز وجل.
- في عصر سيطرة المحمول والهواتف النقالة على عقول البشر، أضطرت معظم المساجد إلى تعليق وريقات مصورة لتنبيه المصلين بضرورة إغلاق الهاتف قبل الدخول في الصلاة، أو على الأقل تحويل الرنين إلى الوضع الصامت، بخلاف التنويه الذي يقوم به الإمام قبل تكبيرة الإحرام عن الأمر نفسه، ومع ذلك لا تمر صلاة في أي مسجد إلا وقد أنطلق رنين (في الغالب ينُم عن ثقافة صحابه) مشتتا تركيز المصلين، دون أي محاولة من هذا الشخص لإسكات محموله.
وقد مررت في أحد المرات بتجربة مريرة، إذ أستمرت الأخت الفاضلة هيفاء وهبي تناشد صاحبنا طوال الركعات الأربع لصلاة العصر أن (رجب حوش صاحبك عني)، ما أضطر أغلب المصلين إلى إعادة الصلاة بعد تسليم الإمام.
الغريب أن هذا الشخص الذي لم يكلف خاطره إيقاف الهاتف المزعج، لم ينتظر حتى يغادر المسجد، وأخرج الهاتف ليجيب المتصل وهو في مكانه (وكأنه قاعد على قهوة بلدي ولا في حوش بيتهم).
- المعروف أن مكان بداية أي صف جديد هو نقطة المواجهة لقبلة المسجد حيث يقف الإمام، أينما كانت هذه النقطة، لكن عدد غير قليل من المصلين أبتكر ويصر على تنفيذ خطط آخرى، فتجد من يقف أقصى اليمين (عشان جمب التكييف)، ومن يقف أقصى اليسار (عشان يبعد عن باب المسجد)، ومن يقف حيث تأتي مراوح المسجد بالهواء، وهكذا صراع (قد تتعالى فيه الأصوات) بين أيهم الأصوب، وإن كنت سيء الحظ فستجد من يجذبك من كتفك أو يدك لتقف جواره، دون أي اكتراث بآداب الدخول في الصلاة، وحرمة بيوت المولى عز وجل.
- عدد من المصلين يحرص بكل همة على أن يكون صدى لصوت الإمام، فتجده يردد خلفه بصوت عال قد يشتت انتباه المصلين ويشوش على الإمام نفسه، أو بصوت منخفض يسبب الضيق للمحيطين به، وفي كلتا الحالتين فالمفترض أن المأموم لا يردد خلف الإمام ولا قبله بصوت مسموع حتى لا يضايق من حوله ويفسد خشوعهم.
- قبل الدخول في الصلاة، يحرص الإمام على تنبيه المصلين بأن (لا تسبقوا الإمام ولا تساووه)، لكنك مع ذلك تجد بعض المصلين وقد حرصوا على التأخر عن اتباع الإمام، فيطيلون الركوع أو السجود، ما قد يشتت المحيطين بهم من كبار السن الذين يعانون من ضعف السمع، ويعتمدون على حاسة الروية في إتباع تكبيرات الإمام.
- بعض المصلين يُشعرك أنه أتى المسجد من باب (تأدية الواجب)، والله أعلم بما في الصدور، فما أن تمر ركعة أو أثنتين إلا وتجده قد فتح فمه عن آخره ليتثائب بصوت منفر، فهل يمكنه أن يفعل المثل أمام رئيسه في العمل، أو إذا تصادف وجلس في صحبة شخصية شهيرة كمطرب أو ممثل، فكيف بحضرة المولى عز وجل.
- خطبة ما قبل صلاة الجمعة، وما بين ركعات التراويح، من مكملات الصلاة، والإنصات لها ركن واجب، لكنك على الأرجح ستفاجيء بأنها قد تحولت لجلسة تعارف (بين النساء)، ولقاء ذكريات وسلامات بين بعض الرجال، وكأن الخطيب يحدث نفسه ومن حوله قد صاروا تماثيل من أحجار لا تعي ولا تسمع.
- أصطحاب الأطفال إلى المساجد أمر لا خلاف عليه، كونه يزرع مبكرا في نفسوهم حب التردد على بيوت الله وصلاة الجماعة، لكن السيء في الأمر هو إصرار الأب على ان يقف صغيره إلى جواره في منتصف الصف، وحركة الصغير التي لا تتوقف طوال الصلاة، مع أن الأصوب أن يقف الأب في آخر الصف، على الطرف الأيمن أو الأيسر حتى لا ينقطع الصف، ولا يتشتت المحيطين به من نشاط الصغير.
الخلاصة أنك بمقارنة بسيطة، ستجد أن ألتزام المصلين في بيوت المولى عز وجل، أقل بمراحل مما يفعلون في أعمالهم ونواحي حياتهم العامة والخاصة.
اللهم أحفظنا وأرزقنا الهدى، وجنبنا وسوسة النفس والشيطان
_________
* الصورة المرفقة من كاريكاتيرات الفنان المصري محمد سامي
والواضح أن هذه الملاحظات لن تتوقف، إذ تتذكر أو تصادف يوميا ما يثير حنقك وغيظك من اللامبالاة التي يتعامل بها بعض المسلمين مع مهابة الصلاة داخل بيوت المولى عز وجل.
- في عصر سيطرة المحمول والهواتف النقالة على عقول البشر، أضطرت معظم المساجد إلى تعليق وريقات مصورة لتنبيه المصلين بضرورة إغلاق الهاتف قبل الدخول في الصلاة، أو على الأقل تحويل الرنين إلى الوضع الصامت، بخلاف التنويه الذي يقوم به الإمام قبل تكبيرة الإحرام عن الأمر نفسه، ومع ذلك لا تمر صلاة في أي مسجد إلا وقد أنطلق رنين (في الغالب ينُم عن ثقافة صحابه) مشتتا تركيز المصلين، دون أي محاولة من هذا الشخص لإسكات محموله.
وقد مررت في أحد المرات بتجربة مريرة، إذ أستمرت الأخت الفاضلة هيفاء وهبي تناشد صاحبنا طوال الركعات الأربع لصلاة العصر أن (رجب حوش صاحبك عني)، ما أضطر أغلب المصلين إلى إعادة الصلاة بعد تسليم الإمام.
الغريب أن هذا الشخص الذي لم يكلف خاطره إيقاف الهاتف المزعج، لم ينتظر حتى يغادر المسجد، وأخرج الهاتف ليجيب المتصل وهو في مكانه (وكأنه قاعد على قهوة بلدي ولا في حوش بيتهم).
- المعروف أن مكان بداية أي صف جديد هو نقطة المواجهة لقبلة المسجد حيث يقف الإمام، أينما كانت هذه النقطة، لكن عدد غير قليل من المصلين أبتكر ويصر على تنفيذ خطط آخرى، فتجد من يقف أقصى اليمين (عشان جمب التكييف)، ومن يقف أقصى اليسار (عشان يبعد عن باب المسجد)، ومن يقف حيث تأتي مراوح المسجد بالهواء، وهكذا صراع (قد تتعالى فيه الأصوات) بين أيهم الأصوب، وإن كنت سيء الحظ فستجد من يجذبك من كتفك أو يدك لتقف جواره، دون أي اكتراث بآداب الدخول في الصلاة، وحرمة بيوت المولى عز وجل.
- عدد من المصلين يحرص بكل همة على أن يكون صدى لصوت الإمام، فتجده يردد خلفه بصوت عال قد يشتت انتباه المصلين ويشوش على الإمام نفسه، أو بصوت منخفض يسبب الضيق للمحيطين به، وفي كلتا الحالتين فالمفترض أن المأموم لا يردد خلف الإمام ولا قبله بصوت مسموع حتى لا يضايق من حوله ويفسد خشوعهم.
- قبل الدخول في الصلاة، يحرص الإمام على تنبيه المصلين بأن (لا تسبقوا الإمام ولا تساووه)، لكنك مع ذلك تجد بعض المصلين وقد حرصوا على التأخر عن اتباع الإمام، فيطيلون الركوع أو السجود، ما قد يشتت المحيطين بهم من كبار السن الذين يعانون من ضعف السمع، ويعتمدون على حاسة الروية في إتباع تكبيرات الإمام.
- بعض المصلين يُشعرك أنه أتى المسجد من باب (تأدية الواجب)، والله أعلم بما في الصدور، فما أن تمر ركعة أو أثنتين إلا وتجده قد فتح فمه عن آخره ليتثائب بصوت منفر، فهل يمكنه أن يفعل المثل أمام رئيسه في العمل، أو إذا تصادف وجلس في صحبة شخصية شهيرة كمطرب أو ممثل، فكيف بحضرة المولى عز وجل.
- خطبة ما قبل صلاة الجمعة، وما بين ركعات التراويح، من مكملات الصلاة، والإنصات لها ركن واجب، لكنك على الأرجح ستفاجيء بأنها قد تحولت لجلسة تعارف (بين النساء)، ولقاء ذكريات وسلامات بين بعض الرجال، وكأن الخطيب يحدث نفسه ومن حوله قد صاروا تماثيل من أحجار لا تعي ولا تسمع.
- أصطحاب الأطفال إلى المساجد أمر لا خلاف عليه، كونه يزرع مبكرا في نفسوهم حب التردد على بيوت الله وصلاة الجماعة، لكن السيء في الأمر هو إصرار الأب على ان يقف صغيره إلى جواره في منتصف الصف، وحركة الصغير التي لا تتوقف طوال الصلاة، مع أن الأصوب أن يقف الأب في آخر الصف، على الطرف الأيمن أو الأيسر حتى لا ينقطع الصف، ولا يتشتت المحيطين به من نشاط الصغير.
الخلاصة أنك بمقارنة بسيطة، ستجد أن ألتزام المصلين في بيوت المولى عز وجل، أقل بمراحل مما يفعلون في أعمالهم ونواحي حياتهم العامة والخاصة.
اللهم أحفظنا وأرزقنا الهدى، وجنبنا وسوسة النفس والشيطان
_________
* الصورة المرفقة من كاريكاتيرات الفنان المصري محمد سامي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق