فلو أحسن كل جار إلى جاره لظللت المجتمعات السعادة ولعاشت كأنها أسرة واحدة، فتنصرف الهمم إلى الإصلاح والبناء والسعي نحو الرقى والتقدم.
يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم {وَاعْبُدُواْ اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ}... [النساء:36].
ويقول صلى الله عليه وسلم فيما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي شريح الخزاعي رضي الله عنه: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره".
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، قيل من يا رسول الله؟ـ قال: الذي لا يأمن جاره بوائقه"، والبوائق هي الشرور والآثام والإيذاء.
أي أن القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، أكدا على أن يحسن الجار إلى جاره، فلا يؤذيه ولا يتسبب فيما قد يضره، فكيف بإرغامه على السهر حتى الرابعة فجرا، لا يعرف للنوم طريقا!!.
أكتب هذه التدوينة بعين نصف مغلقة، وذهن مشوش مكدود، بعد أن تعرضت بالأمس لتجربة ملعونة، أجبرتني على السهر حتى التوقيت سالف الذكر، بسبب (فرح) أقيم في الشارع!!.
وأفراح (الشوارع) ليست بالأمر الجديد أو المستحدث، إذ تُستخدم في العادة لتوفير النفقات، أو كوسيلة لجمع المال.
والنوع الأخير تحديدا هو الذي يتجاوز زمنه التوقيتات العادية والمقبولة لأستمرار الأفراح بما يصاحبها من موسيقى صاخبة وتجاوزات تتعلق بتناول المشروبات الكحولية أو في بعض الأحيان للمخدرات، فيبدأ مبكرا وينتهي مع أضواء الصباح.
نبطشي مجنون بعروق نافرة، التصق الميكروفون بأحباله الصوتية، يهتز ويرتعش صارخا بلا انقطاع "تسعة سبعة.. سبعة سبعة"
أغان هابطة، وعشرات الأشخاص يهتفون داخل أذنيك، لتؤدي سلام مربع أو مستطيل أو ثلاثي الأبعاد، لشلة الأنس التي أتت في الثانية فجرا تحية للعروسين!!
عدد مهول من سماعات الأستريو العملاقة، تشعر مع كل ذبذبة خارجة عنها أن منزلك سيسقط لا محالة، ومطرب لا أعرف من أقنعه بالغناء (ينعق) بأعلى صوته من أجل خراب البيت الذي لم يؤسس بعد!!.
حتى آذان الفجر الذي ظننت أنه سيقضي على هذه الحشرات، ويدفعها لجمع حاجياتها والأنصراف، كان بمثابة استراحة قبل أن تكتمل وصلة الختام التي أنتهت بعد الرابعة فجرا.
الخلاصة أنك صرت معزوم رغما عن أنفك، ترى وتسمع و(تستنشق) ما لاتحب ولا تريد، وإن اعترضت فأنت حتما شخص نكدي شرير لا يريد السعادة لجيرانه.
ولكن السعادة لا تأتي بالتجاوز والتعدي على حقوق الآخرين، من حقك أن تفرح وتحتفل، ومن حقي أن أنعم بالراحة والهدوء في بيتي.
ملحوظة:
أتضح لي في الصباح بعد أن استجمعت شتات ذهني، أن صراخ النبطشي المجنون ما هو إلا دعوات لأفراح جديدة 7/ 7، و9/ 7!!
حسبي الله ونعم الوكيل..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق