حدث بالفعل .. هنشق هنا بالعرض! - مدونة حسام

أول مدونة مصرية وعربية تعتمد الألش أسلوب حياة!

Navigation-Menus (Do Not Edit Here!)

Hot

Post Top Ad

27 فبراير 2013

حدث بالفعل .. هنشق هنا بالعرض!

وأنا في كامل قواي العقلية، وفي ظل معاناتي التي بدأت منذ ثلاثة أسابيع وقد تستمر ما بين عام كامل أو ستة أشهر بحسب الإرشادات الطبية، قررت أن أسرد بعض التفاصيل الملحمية التي تعرضت لها خلال تلك الفترة لتبقى ماثلة أمامي أتذكرها كلما دفعني القدر للعبور أمام أي مستشفى حكومي أو خاص أو حتى عيادة.

البداية كانت مع بعض الآلام التي فُسرت طبيا على أنها "فتق آربي" يستلزم تدخل جراحي عاجل لتجنب ما قد ينتج عن اهمال التعامل معه من مضاعفات.

وبرغم كرهي التام للموضوع، والطناش الذي تعاملت به مع الأمر طيلة السنوات الخمس الماضية، إلا أن أزدياد حدة الآلام مع الوقت لم يترك أمامي من سبيل إلا الأستجابة للضغوط والأستسلام لمشرط الجراح الذي أكد لي مرارا بعد إجراء التحاليل اللازمة أن العملية "سهلة كيك" وهي من أشيع العمليات التي تجرى في مجال الجراحة العامة، حيث تجرى المئات منها يومياً في جميع أنحاء العالم مشددا على أن تبكير التعامل مع المشكلة يجنب المريض "اللي هو أنا" مضاعفات خطيرة قد تتسبب في تحول الجراحة التافهة إلى عملية كبيرة وخطيرة.

في اليوم المحدد وبحسب ما أتفقت مع الجراح وصلت المستشفى المقصود، الكائن بحي مدينة نصر، في الحادية عشر صباحا متخيلا أن احترام المواعيد خاصة فيما يتعلق بالجراحات هو أمر بديهي لا خلاف عليه، لكنني فوجئت بتأخر السيد الجراح عن الموعد الذي حدده بنفسه ثلاث ساعات كاملة، قضيت النصف الثاني منها (ساعة ونص) وأنا أرتدي زي العمليات الورقي عديم الفائدة في جو بارد ووعود متكررة على شاكلة "الدكتور في الطريق"، "قدامه ربع ساعة"، "بيسلم على مدير المستشفى"، "بيغير هدومه"، "أنت قلقان ليه .. دي عملية سهلة كيك"، لأكتشف بعدها أن الباشا كأي جزار يحترم نفسه كان ينتظر زبونين أو ثلاثة كمان عشان يلضم العمليات اللي هيعملها في اليوم ده ورا بعضها وما يضيعش وقت.

بعد ملل الأنتظار، أصطحبني طاقم التمريض إلى الغرفة التي من المفترض أن تكون غرفة عمليات، لتصيبني نفس دهشة "دكتور بهيج" حين رُزق من بين كل سكان العالم بعيفريت مودرن لابس تي شيرت وكوتشي باتا واسمه مارد الكدواني!.

كل الأفلام الهوليودية التي شاهدتها ومسلسل ER في كوم وتلك الغرفة الغريبة في كوم آخر، لكن الوقت كان قد فات على الأعتراض أو التبرم، إذ التف حولي طاقم التمريض وأرقدوني على ما يشبه الكرسي الموجود في عيادات أطباء الأسنان مع الأختلاف، قبل أن يبدأ دوار البنج والتخدير الذي لم أشعر بمتى ومن دفعه في عروقي.

"مش ناويين تغيروا اللمبة المحروقة دي"، "هنفتح شمال ولا يمين يا دكتور"، "أظن يمين ولا أستني متهيألي شمال"، كانت هذه الجمل غير المترابطة التي لم أتبين شخوص أصاحبها وإن أدركت المعني بها هي آخر ما سمعته قبل أن أغيب عن الوعي بلحظات، أختتمها الجراح البارع بغرس المشرط في جسدي مرددا "بصي أحنا هنشق هنا بالعرض"، فصرخت متألما ثم أظلمت الدنيا أمامي ولم أعد أشعر بإي شيء.

بحسب روايات من صاحبني من أفراد الأسرة، أستغرقت الجراحة ما يزيد عن الساعة، خرجت بعدها شاحب الوجه دون أن تتم عملية إفاقتي من البنج بشكل تام وآدمي كما يحدث في أي مستشفى تحترم نفسها، لإنشغال طاقم التمريض والجراح وغرفة العمليات بجراحات آخرى، حيث أصبت بنوبة عنيفة من التشنج أصابت أهلي بالهلع فتكالبوا علي محاولين حمايتي من السقوط أرضا وخوفا من تعرض الجرح للإيذاء نتيجة الحركات العنيفة اللإرادية التي كنت أقوم بها غير واع، وفسرها الطبيب فيما بعد وعقب حقن أوردتي بعقار مهديء على أنها من تأثيرات التخدير التي تصيب غير المدخنين أو من لا يدمنون تناول المشروبات الغنية بالكافيين!

ما يعني أن ما تعرضت له أمر شائع وغالبا ما يتوقع حدوثه، لكن المفترض أن التعامل معه يتم سريعا في غرفة إفاقة ملحقة بغرفة العمليات وتقع المسئولية فيه على طبيب التخدير الواجب عليه التأكد من إسترداد المريض لكامل وعيه قبل أن يتم إعادته لغرفته، لا تركه للظروف واحتمالات تعرضه للأذى وإصابة المرافقين له بالرعب، لكننا هنا في مصر نحترم جدا الفهلوة وتشغيل الدماغ، فالحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه.

في اليوم التالي غادرت المستشفى مصحوبا بألم لا يحتمل في مكان الجراحة بالإضافة إلى أماكن آخرى تشمل المرفق والكتف والجانب الأيمن حيث كانت أسرتي تحاول حمايتي من السقوط أثناء نوبة التشنج أياها.

في الأسبوع الأول الذي تلا الجراحة، لم أقوى على التحرك بشكل سليم مع الألم البالغ الذي كنت أشعر به كلما غادرت الفراش، صحيح أن الوضع تحسن مع مرور الوقت، لكنني لازلت غير قادر على الأنحناء كما السابق، أصلي جالسا وأسير كطفل صغير يتعلم المشي، بالإضافة إلى أن معدتي تأن من كثرة المسكنات التي تناولتها ومازلت حتى الآن.

غالبا سأضطر لشراء جزمة بنص (من غير رباط) لأني بلبسها أصلا بصعوبة وبربطها بطلوع الروح.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Post Top Ad