اللعب مع الكبار.. بين السذاجة وقلة الحيلة!!

أثرت أن أنتظر لبعض الوقت قبل أن أشرع في التعليق على مباراة الأهلى الودية مع بايرن ميونيخ الألماني التي أستضافتها العاصمة القطرية الدوحة مساء السبت الماضي، ضمن خطة طموحة يتم تنفيذها بدقة بالغة للترويج لكأس العالم 2022، بإستضافة المعسكرات الشتوية لفرق أوروبا!!.


كنت أبحث ضمن عشرات المقالات التي تم نشرها عقب اللقاء عمن يناقش فكرة خطرت ببالي وأنا أشاهد شوط المباراة الثاني، كون الظروف لم تسعفني لمشاهدة المباراة بالكامل، فلم أوفق.

وأعني بتلك الفكرة غياب ثقافة المواجهة عن عقل اللاعب المصري.

لا أعني بالطبع أن اللاعب المصري أقل من نظيره الأوروبي من ناحية الإمكانات، فكلاهما (بني آدم) يمتلك أعضاء جسدية متماثلة، لكن الأخير يتفوق (جدا) عندما نتطرق لنقطة الثقافة الكروية.

ومرة ثانية لا أعني هنا الفكر الخططي أو القدرات المهارية أو المرونة الذهنية في تغيير أسلوب اللعب أثناء المباراة الواحدة، فربما نتفوق كمصريين في بعض هذه النواحي (بالفطرة)، أنما أقصد القواعد والأساسات التي يتم بها بناء شخصية اللاعب هنا وهناك.

صحيح أن الطفل المصري أذكى طفل في العالم، لكن هذه المقولة تتحول إلى النقيض (إلا في حالات استثنائية شديدة الندرة) عندما يبدأ في الأنخراط ضمن المنظومة التعليمية الفاشلة، ليتحول تدريجيا إلى (فلاشة كمبيوتر) تمتليء كل عام بمئات وآلاف المعلومات يتم تفريغها على أوراق الأمتحان دون فهم أو استيعاب.

عملية تتكرر عشرات المرات.. ريثما يحمل (من كان ذكيا) الشهادة العليا، ويذهب بها إلى صانع البراويز!!.

اللاعب المصري يعاني من نفس المعضلة، فكرة القدم في مصر ليست مهنة برغم الحسد الرهيب الموجه لصدور العاملين بها، لا يمكنك أن تقنع أبا أو أما بترك نجلهما للتعليم (عديم النفع بنظامه العقيم) ليصبح لاعب كرة، فكارثة كبرى أن يكون لاعب الكرة بلا شهادة دراسية تؤمن مستقبله!!.

وبالتالي، فعملية الإعداد التي كان ينبغي أن يمر بها اللاعب في الصغر، بما تشمله من مقومات ضرورية لبناء شخصيته (نفسيا) و(مهاريا)، تذهب أدراج الرياح.. وينتظر الجميع مساندة الحظ في العثور على فلتة ليتم تلقفها ورعايتها (وتقويمها سلوكيا)، فينتج عنها نجم أو مجرد لاعب آخر لا يذكره التاريخ.

وفي الأحوال العادية، فلاعب الكرة موظف يمارس عمله في عدد محدد من الساعات يوميا، ويخوض مباراة هنا وهناك كلما سنحت الظروف الأمنية :).

هو أصلا لم يخضع لعملية الإعداد المعقدة التي يخضع لها أطفال في أندية أوروبا، وتشمل المأكل والملبس، وطريقة التعامل مع الآخرين، ثم الأنتقال تدريجيا إلى تكتيكات كرة القدم والمهارات الأساسية من تمرير وتسليم وتسلم وتسديد وتحرك بدون كرة ومرواغة، وهي المهارات التي قد يستغرق التدريب عليها سنوات، تختزل عندنا في بضع دقائق يوميا!!.

اللاعب المصري حين يواجه نظيره الأوروبي، لابد وأن يصاب بالخضة والأرتباك ويقع في الأخطاء، ويعجز عن تنفيذ أبسط الأمور التي يفعلها يوميا في مصر، لأنه ببساطة يفاجأ بفكر مختلف وطرق لعب (وأعني هنا التحركات لا الطرق الرقمية) لم يعتد مواجهتها أو التعامل معها، فتصبح الأخطاء الساذجة دفاعيا، وقلة الحيلة عند امتلاك الكرة أمور طبيعية ليست بالمستغربة.

لا أنكر أن الأهلى ظهر قويا (خاصة في الشوط الثاني)، لكن دعنا نراجع شريط المباراة لنتأكد أن التأثير الهجومي لكلا الفريقين شاسع جدا، صحيح أن الأهلى هدد مرمى (نوير) حارس البايرن في أكثر من مناسبة، لكن أنظر في المقابل إلى كيفية وصول الفريق لمنطقة الجزاء، في مقابل السرعة الرهيبة والدقة التي كان يصل بها الفريق البافاري لمرمى (شريف إكرامي)، وكم الأهداف المحققة التي أضاعوها بمحض إرادتهم.

الأهلى أدى مباراة قوية وكاد أن يظفر بتعادل ثمين، والفريق الألماني أكد أن المباراة كانت أشبه بمباريات دروي الأبطال الأوروبي، لكن هذا لا يعني أن كفة الأهلى تعادل منافسه، هناك أختلافات هائلة بين لاعبي الفريقين، ولو أن لاعبي البايرن خاضوا المباراة دون النظر لنتيجة اللقاء مع السلية القطرى (13/ 0).. لربما انتهت المباراة بنتيجة مغايرة تماما.

قطعا لا أهاجم الأهلى، فاعتزازي بالفريق الأحمر يعود لسنوات عديدة مضت، أنما رؤيتي للأمور تختلف عن نفسية المشجع الذي ينفعل مع كل لمسة للاعب محبوب، وبما لا يمنعني من الأعتراف بأننا نختلف جدا عنهم.. متأخرين بشدة.. ولا نفكر ولا ننظر (للإسف) إلا تحت أقدامنا!.