نقطة رئيسية نختلف فيها (كعرب بشكل عام ومصريين بشكل خاص) عن صُناع السينما العالمية في هوليوود، هي أننا نفتقر وبشدة لثقافة التمهيد للمستقبل، وكأنه أمر معيب أو خاطيء أو إعجازي غير قابل للتحقيق أن نخطط لما هو آت ثم نترك الأيام وإرادة المولى عز وجل لتصنع الفارق، وتقرر نصيب المجتهد عن محترف إضاعة الوقت.
صحيح أن هذه النقطة (التي سنسميها مجازا قصر نظر) لا تقتصر على صناعة السينما، ويمتد تأثيرها لما يشمل نواحي الحياة العامة، لكننا سنكتفي بتوضيح هذا الجانب (صناعة السينما) بإعتبار أن المقال فني لا أكثر.
وقبل الخوض في تفاصيل الفيلم موضع المقال، أدعو القاريء للبحث عن أفضل الأفلام المصرية التي تم انتاجها على أجزاء.. وظروف الأنتاج والأعداد لمثل هذه النوعية.
ولكي نوفر الوقت سأخبرك أن هذه النوعية (الأفلام المجزئة) هي سلعة بعيدة تماما عن صناعة السينما المصرية، رغم وجود تجارب قليلة العدد في هذا الشأن منها (بخيت وعديلة) و(عمر وسلمى) وكلا العملين تم إنتاج أجزاؤه ليس على دراسة وإعداد مسبق، وأنما كنتيجة لنجاح الفيلم الأول، والرغبة التجارية الجامحة في استغلال هذا النجاح بإي شكل.
فتش في تاريخ السينما المصرية الذي يؤرخ لبدايته رسميا بفيلم (أولاد الذوات 1932) وحتى تاريخ اليوم، لن تجد مثل هذه النوعية التي تجذب المشاهد وتملأ جيوب المنتجين بالملايين شريطة أن تبقى الجودة علامة أساسية لا غنى عنها.
على الجانب الآخر، فالتاريخ الهوليوودي مليء بما لذ وطاب، فهناك سلسلة (Die Hard) لـ بروس ويليس، و(Lord of the Rings) لـ اليجا وود، و(HARRY POTTER) لـ دانيال رادكليف، وغيرها من سلاسل الأفلام شديدة النجاح جماهيريا وماليا، والتي كما نعلم تتميز بثراء درامي وتقني ينمو ويزدهر للأفضل كلما زاد عدد الأجزاء.
هذا بالطبع لا يعني أن هوليوود منزههه عن الخطأ، ولا ينفي أن هناك عشرات وربما مئات الأفلام السيئة التي تم انتاجها وتكلفت ملايين دون عائد أو ذكرى تستحق.
غير أن هوليوود تتفوق في كونها لا تتوقف أمام الأخطاء، وأنما تلتف حولها لتتغلب عليها وتعود إلى طريق النجاح الذي أعتادته، مستعينه في ذلك بخطة البحث فيما يسمى بـ (الدفاتر القديمة).
وهو الأسلوب الذي عادة ما تلجأ إليه لنفض الغبار عن ما يستحق إعادة احياء، لتُعيد تقديمه من جديد في شكل أكثر قوة وعمق وإبهار.
فعلت هذا مع سلسلة باتمان التي كانت أقرب إلى الهزلية وأفلام الأطفال، وتوقع لها الجميع أن تنتهي بعد فشل الجزء الرابع (Batman & Robin) الذي أنتج عام 1997، للدرجة التي صنف بها هذا الفيلم كشهادة وفاة رسمية للسلسلة!!، ليفاجيء الجميع بفيلمين مبهرين على مستوى الحبكة والصورة نالا الأستحسان وصنفا ضمن قائمة بأفضل الأفلام في تاريخ السينما العالمية وأعني بهما (Batman Begins) و(The Dark Knight)، بالإضافة إلى الجزء الثالث الذي سيعرض العام المقبل 2012 (The Dark Knight Rises) ويتوقع له ذات النجاح وربما أكثر.
الأمر نفسه عاد ليتكرر بشكل أكثر قوة مع الفيلم ثلاثي الأبعاد Rise of the Planet of the Apes، الذي تقدم فيه هوليوود معالجة جديدة ومختلفة كليا لرواية الفرنسي بيير بول (كوكب القردة) التي استهلكت تماما في عدد من الأفلام (سبعة منها فيلم رسوم متحركة)، كان آخرها Planet of the Apes، الذي أنتج عام 2001.
ورغم أن المقارنة غير منطقية بين باتمان الذي هو في الأصل عبارة عن سلسلة رسوم كارتونية (كوميكس) تم تحويلها إلى عالم السينما، وبين قصة القرود الحاكمة التي صدرت كراوية عام 1963 ثم تحولت إلى فيلم فسلسلة سينمائية.
لكننا هنا نتحدث عن ذات التفاصيل، البحث عن قصة جيدة تصلح لأن يتم تقديمها في شكل سلسلة، ثم البدء في الأعداد القوي للعمل بما يشمله من اختيار أماكن التصوير وتجهيز الملابس والديكورات وتنفيذ الخدع والمؤثرات، ولا يستثنى اختيار عناصر العمل القادرة على تقديمه بالشكل اللائق من ممثلين وفنيين ومخرج كفء.
هذا يعني أنهم (واعني هوليوود عشان محدش مخه يروح لبعيد) يمرون بعدة مراحل لإنتاج عمل مميز تبدأ بالبحث فالأعداد والتجهيز وتنتهي بتقديم يستحق كل هذا العناء، بينما نختصر نحن كل هذه الخطوات في عبقرية (الفذلكة) ولحظات التجلي التي تحول فيلم تافه عديم القيمة إلى سلسلة سينمائية بين ليلة وضحاها لمجرد أن هذا الفيلم حقق نجاحا جماهيريا.
في هذا الفيلم المبهر Rise of the Planet of the Apes الذي أعتقد أنه بداية لسلسلة مشوقة قادمة، وإن لم يُعلن عن هذا رسميا، تقدم لنا السينما الهوليوودية معالجة جديدة لفكرة فناء البشر بفعل العبث العلمي، من خلال تعديل الأحداث في رواية كوكب القردة التي طرحت فكرة فانتازية عن سيطرة القرود العاقلة على كوكب الأرض دون توضيح لطريقة وصولها لقمة الهرم الطبقي في عالم من المفترض أن يحكم فيه البشر دون سواهم.
الفيلم يمهد لهذه الفكرة المجنونة بطرح قصة لعالم في تكنولوجيا الهندسة الوراثية يسعى للعثور على دواء لمرض (ألزهايمر Alzheimer) الذي يعاني والده من تبعاته، عن طريق تحضير فيروس معملي يهاجم الخلايا المصابة ويعمل على تجديد الخلايا الميتة والمنهارة في المخ، معتمدا على تجربة هذا الفيروس على حيوانات المعمل التي هي قرود افريقية يتم اصطيادها وأسرها، تمهيدا لإقراره وتجربته رسميا على البشر.
لكن العرض الرسمي لنتائج تجربته يصادفه حادثة (لا داعي لحرق تفاصيلها) تكاد تُنهي مستقبله، فيتخذ قرار بتجربة العقار على والده، في نفس الوقت الذي يبدأ فيه رعاية قرد صغير يطلق عليه أسم (قيصر czar) هو نتاج تلك الحادثة.
لن أخوض في تفاصيل أكثر تماشيا مع مبدئي في عدم حرق الأفلام التي أتحدث عنها، وإن أتمنى ألا تغضبوا لو ذكرت أن نهاية الفيلم تسرد بوضوح تلك النقطة التي من أجلها كتبت هذا المقال، حيث تبدأ نهاية البشر وبزوغ عالم القرود العاقلة، كتمهيد لأجزاء جديدة عن صراع مقلوب الموازيين بين قرد حاكم وبشري محكوم!.
بقي أن أذكر أن عدد من الأفلام المصرية التي تم تقديمها في السنوات الأخيرة كانت جديرة (من وجهة نظري)، لو أن صناعها أحسنوا الأعداد بأن تنضم لتلك النوعية من الأفلام التسلسلية، منها (مافيا) لأحمد السقا، و(بدل فاقد) و(مسجون ترانزيت) لأحمد عز.
صحيح أن هذه النقطة (التي سنسميها مجازا قصر نظر) لا تقتصر على صناعة السينما، ويمتد تأثيرها لما يشمل نواحي الحياة العامة، لكننا سنكتفي بتوضيح هذا الجانب (صناعة السينما) بإعتبار أن المقال فني لا أكثر.
وقبل الخوض في تفاصيل الفيلم موضع المقال، أدعو القاريء للبحث عن أفضل الأفلام المصرية التي تم انتاجها على أجزاء.. وظروف الأنتاج والأعداد لمثل هذه النوعية.
ولكي نوفر الوقت سأخبرك أن هذه النوعية (الأفلام المجزئة) هي سلعة بعيدة تماما عن صناعة السينما المصرية، رغم وجود تجارب قليلة العدد في هذا الشأن منها (بخيت وعديلة) و(عمر وسلمى) وكلا العملين تم إنتاج أجزاؤه ليس على دراسة وإعداد مسبق، وأنما كنتيجة لنجاح الفيلم الأول، والرغبة التجارية الجامحة في استغلال هذا النجاح بإي شكل.
فتش في تاريخ السينما المصرية الذي يؤرخ لبدايته رسميا بفيلم (أولاد الذوات 1932) وحتى تاريخ اليوم، لن تجد مثل هذه النوعية التي تجذب المشاهد وتملأ جيوب المنتجين بالملايين شريطة أن تبقى الجودة علامة أساسية لا غنى عنها.
على الجانب الآخر، فالتاريخ الهوليوودي مليء بما لذ وطاب، فهناك سلسلة (Die Hard) لـ بروس ويليس، و(Lord of the Rings) لـ اليجا وود، و(HARRY POTTER) لـ دانيال رادكليف، وغيرها من سلاسل الأفلام شديدة النجاح جماهيريا وماليا، والتي كما نعلم تتميز بثراء درامي وتقني ينمو ويزدهر للأفضل كلما زاد عدد الأجزاء.
هذا بالطبع لا يعني أن هوليوود منزههه عن الخطأ، ولا ينفي أن هناك عشرات وربما مئات الأفلام السيئة التي تم انتاجها وتكلفت ملايين دون عائد أو ذكرى تستحق.
غير أن هوليوود تتفوق في كونها لا تتوقف أمام الأخطاء، وأنما تلتف حولها لتتغلب عليها وتعود إلى طريق النجاح الذي أعتادته، مستعينه في ذلك بخطة البحث فيما يسمى بـ (الدفاتر القديمة).
وهو الأسلوب الذي عادة ما تلجأ إليه لنفض الغبار عن ما يستحق إعادة احياء، لتُعيد تقديمه من جديد في شكل أكثر قوة وعمق وإبهار.
فعلت هذا مع سلسلة باتمان التي كانت أقرب إلى الهزلية وأفلام الأطفال، وتوقع لها الجميع أن تنتهي بعد فشل الجزء الرابع (Batman & Robin) الذي أنتج عام 1997، للدرجة التي صنف بها هذا الفيلم كشهادة وفاة رسمية للسلسلة!!، ليفاجيء الجميع بفيلمين مبهرين على مستوى الحبكة والصورة نالا الأستحسان وصنفا ضمن قائمة بأفضل الأفلام في تاريخ السينما العالمية وأعني بهما (Batman Begins) و(The Dark Knight)، بالإضافة إلى الجزء الثالث الذي سيعرض العام المقبل 2012 (The Dark Knight Rises) ويتوقع له ذات النجاح وربما أكثر.
الأمر نفسه عاد ليتكرر بشكل أكثر قوة مع الفيلم ثلاثي الأبعاد Rise of the Planet of the Apes، الذي تقدم فيه هوليوود معالجة جديدة ومختلفة كليا لرواية الفرنسي بيير بول (كوكب القردة) التي استهلكت تماما في عدد من الأفلام (سبعة منها فيلم رسوم متحركة)، كان آخرها Planet of the Apes، الذي أنتج عام 2001.
ورغم أن المقارنة غير منطقية بين باتمان الذي هو في الأصل عبارة عن سلسلة رسوم كارتونية (كوميكس) تم تحويلها إلى عالم السينما، وبين قصة القرود الحاكمة التي صدرت كراوية عام 1963 ثم تحولت إلى فيلم فسلسلة سينمائية.
لكننا هنا نتحدث عن ذات التفاصيل، البحث عن قصة جيدة تصلح لأن يتم تقديمها في شكل سلسلة، ثم البدء في الأعداد القوي للعمل بما يشمله من اختيار أماكن التصوير وتجهيز الملابس والديكورات وتنفيذ الخدع والمؤثرات، ولا يستثنى اختيار عناصر العمل القادرة على تقديمه بالشكل اللائق من ممثلين وفنيين ومخرج كفء.
هذا يعني أنهم (واعني هوليوود عشان محدش مخه يروح لبعيد) يمرون بعدة مراحل لإنتاج عمل مميز تبدأ بالبحث فالأعداد والتجهيز وتنتهي بتقديم يستحق كل هذا العناء، بينما نختصر نحن كل هذه الخطوات في عبقرية (الفذلكة) ولحظات التجلي التي تحول فيلم تافه عديم القيمة إلى سلسلة سينمائية بين ليلة وضحاها لمجرد أن هذا الفيلم حقق نجاحا جماهيريا.
في هذا الفيلم المبهر Rise of the Planet of the Apes الذي أعتقد أنه بداية لسلسلة مشوقة قادمة، وإن لم يُعلن عن هذا رسميا، تقدم لنا السينما الهوليوودية معالجة جديدة لفكرة فناء البشر بفعل العبث العلمي، من خلال تعديل الأحداث في رواية كوكب القردة التي طرحت فكرة فانتازية عن سيطرة القرود العاقلة على كوكب الأرض دون توضيح لطريقة وصولها لقمة الهرم الطبقي في عالم من المفترض أن يحكم فيه البشر دون سواهم.
الفيلم يمهد لهذه الفكرة المجنونة بطرح قصة لعالم في تكنولوجيا الهندسة الوراثية يسعى للعثور على دواء لمرض (ألزهايمر Alzheimer) الذي يعاني والده من تبعاته، عن طريق تحضير فيروس معملي يهاجم الخلايا المصابة ويعمل على تجديد الخلايا الميتة والمنهارة في المخ، معتمدا على تجربة هذا الفيروس على حيوانات المعمل التي هي قرود افريقية يتم اصطيادها وأسرها، تمهيدا لإقراره وتجربته رسميا على البشر.
لكن العرض الرسمي لنتائج تجربته يصادفه حادثة (لا داعي لحرق تفاصيلها) تكاد تُنهي مستقبله، فيتخذ قرار بتجربة العقار على والده، في نفس الوقت الذي يبدأ فيه رعاية قرد صغير يطلق عليه أسم (قيصر czar) هو نتاج تلك الحادثة.
لن أخوض في تفاصيل أكثر تماشيا مع مبدئي في عدم حرق الأفلام التي أتحدث عنها، وإن أتمنى ألا تغضبوا لو ذكرت أن نهاية الفيلم تسرد بوضوح تلك النقطة التي من أجلها كتبت هذا المقال، حيث تبدأ نهاية البشر وبزوغ عالم القرود العاقلة، كتمهيد لأجزاء جديدة عن صراع مقلوب الموازيين بين قرد حاكم وبشري محكوم!.
بقي أن أذكر أن عدد من الأفلام المصرية التي تم تقديمها في السنوات الأخيرة كانت جديرة (من وجهة نظري)، لو أن صناعها أحسنوا الأعداد بأن تنضم لتلك النوعية من الأفلام التسلسلية، منها (مافيا) لأحمد السقا، و(بدل فاقد) و(مسجون ترانزيت) لأحمد عز.