
ما نرويه هنا، هو مزيج بين هذا وذاك.. مع التأكيد على كامل احترامنا لأبناء هذا الجزء العزيز من أرض مصر، واعترفانا الكامل بما يضمه من كفاءات ونوابغ في شتى مجالات العلم والمعرفة.
نحكي عن جهاز مخابرات (محلي) في كل شيء، له مقر من البوص، ويقود عملياته رجل واحد له شارب كثيف، وعقل أخف من جناح باعوضة!!.
<><><><><><>
أنتشرت نسمات الهواء على غير العاده، فى هذا التوقيت الصيفى الحار على صعيد مصر، فأضفت نوعــًـا من الحيوية على البشر والنبات وحتى الحيوانات
وعلى أضواء القمر بدا ثلاث رجال ملثمي الوجوه، يتحركون بين زراعات القصب، وهم يتلفتون حولهم فى توتر فبادرهم أطولهم قامة:
• " أوبعدين ياردالة، واد الفرطوس ده مش دال أنه داي بعد العشاء طوالي "
هز الرجلين المصاحبين له رآسيهما دون أن يصدر عنهما آدنى صوت، فأثر الصمت بدوره وهو يراقب الطريق بمنتهى التوتر، وفى بطء مرت الدقائق تلو بعضها، وبلا مقدمات ظهر ملثم رابع وسطهم وكأنما برز من العدم، فبادره ذاك الطويل:
• " يخرب بيت أبوك، أنت جيت من وين..؟!! "
ابتسم الملثم فى هدوء وهو يزيح اللثام عن وجهه:
• " مش مهم جيت من وين..؟!!، المهم جبتوا البضاعه وله لع..؟!! "
تلفت الطويل حوله ثم أشار إلى مُرافقاه، فتفرقا كُلً فى إتجاه لمراقبة الطريق، بينما اقترب هو من محدثه وهو يجذب إليه جوال مُلقى على الأرض:
• " آهه، جدامك آهه، أنته بجى جبت الورجات..؟!! "
ابتسم الملثم ومد يده إلى جيب جلبابه، واخرج كيس قماشي كبير، فض عقدته فى سرعة لتظهر أوراق العملة داخله بينما يتمتم :
• " (زين) ما يخلفش وعده واصل، الورجات آهه، ورينى البضاعة "
انحنى الطويل يحل عقدة الجوال، حينما صاح معاوناه بصوت خفيض وهما يعدوان نحوه:
• " الحكومه يا ريس، الحكومه جاية من جبلي "
اهتز الطويل وتسارعت حبات العرق تغرق جبهته، والتفت إلى (زين) وعيناه تلتمعان بالغضب:
• " باى، عيملتها يا (زين) "
وبلا تردد اخرج من جلبابه مسدس الصق فوهته بصدغ (زين) والأخير يتمتم وقد هربت الدماء من عروقه:
• " صدجنى يا أبو خالُه، مش اني اللـ........... "
ولم تكتمل صرخته مع نافورة الدماء التي انبثقت اسفل أذنه اليُسرى، بينما يلتفت الطويل إلى صاحبيه وهو يشير إلى الجوال وكيس النقود:
• " إبسرعه عاد منك ليه، الحكومه عتاجى ع صوت البروده، هم جبر يلم الكل كليلة "
وسرعان ما ابتلعهم الظلام، واختفوا وسط زراعات القصب ..
<><><><><><>
• " دلوك "
انطلق الهتاف بغته وسط حقل البرسيم الخاص بتدريبات جهاز مخابرات كفر ناعسه، وبمنتهى السرعة استجاب (هريدى) للهتاف، وانطلق يركض وقد وضع طرف جلبابه فى فمه، وبدأ فى تجاوز بعض العقبات الملقاة وسط الحقل
فيدور حول واحده ويقفز متجاوزًا آخرى، وعندما وصل نهاية الحقل وجد أثنين من حراس امن الجهاز يتأهبان للأنقضاض عليه، فغير إتجاهه قبل متر واحد من وصوله إلى موقعهما وانطلق يركض فى الإتجاه المضاد، وخلفه انطلق الحارسان
ومع اقتراب نهاية الحقل من الناحية الثانية، توقف (هريدى) والتفت إلى الحارسين ثم غير اتجاهه مره ثانية وانطلق يعدو ................ !!
استمر الحال على هذا المنوال بضع دقائق، قبل أن يسقط الحارسان ارضًا وقد انهكهما التعب، فتوقف (هريدى) عن الركض والتفت إلى الحاج (أبو طاقيه) مسئول الأمن فى الجهاز، الذي اقترب إلى حيث وقف الأول وربت على كتفه مهنئًا:
• " براوه عليك ياولدى، إكده زين ع الآخر، مش باجي غير التدريب أبتاع تحديف الظلط.. "
هم (هريدى) بالتعقيب، لولا أن فوجئ ومعه الحاج (أبو طاقيه) بأحد حراس الأمن يركض نحوهما، حاملاً ورقه خص، التقطتها (أبو طاقيه) على الفور وطالع ما بها فى إهتمام:
• " إيه، فى إيه يا حاج..؟؟!! "
التفت (أبو طاقيه) إلى (هريدى) بعد أن انتهى من مطالعة الورقة :
• " اجتماع فى الدهاز، طش خلجتك بشوية ميه وحصلنى "
قالها واسرع بالإنصراف بينما (هريدي) يندب حظه على ضياع أحب التمارين إلى قلبه..
<><><><><><>
انحنى (هريدي) حتى لامس الأرض، وضم أصابعه على هيئة نظارة معظمه، وشرع فى مراقبة مطاريد الجبل من فوق تل قريب، بعد أن أوصلته المعلومات التي تم جمعها بواسطة أحد عملاء الجهاز المنتشرين في الكفر والنجوع المجاورة لكفر ناعسة، إلى أنهم المسئولين عن الجثه التى تم العثور عليها داخل أحد حقول الكفر، والأدهى أنهم يتاجرون في المخدرات، ومخدر البانجو بالتحديد، مما يهدد سلامة وأمن الكفر، بخلاف أهتزاز صورة الجهاز الذي يعد الأول من نوعه في المنطقة بأسرها.
وإلى جانبه افترش والده الحاج (هدهد) الأرض بدوره وهو يحاول جاهدًا معرفة ماذا يفعل (هريدي) دون جدوى:
• " جلُى يا ولد، أنت عتبص على إيه م الصبح..؟؟!! "
تخلى (هريدي) عن أصابعه للحظات نظر خلالها إلى والده بغيظ:
• " بوى، مانيش خابر أنت جيت ويايى ليه، اسكت وخلينى ابص ع ولد الأبلسه دولي "
طااااااااااااااااااااااااااخ
• " عتجولي انى اسكت يا واد المركوب "
كاد (هريدي) يهب من مكانه صارخًا، لولا خوفه من إفتضاح امره، فتماسك وهو يتحسس مؤخرة عنقه الملتهبه:
• " وبعدين يابوى..!!، مش اتفجنا بلاش ضرب الجفه ده، أني كده عبجى ضرير "
• " خليص، آخر مره، بس جولى شفت إيه..؟؟ "
• " وله حاجه، ريس المطاريد أبو طويله ده واجف فى السكه، وما شايفش منيه حاجه واصل "
مد الحاج (هدهد) ذراعه إلى (هريدي) وهو يتسأل فى فضول:
• " طب لفيني أكده، خليني أشوف، أنت باين عليك عميت بصُح.. "
• " الفيك إيه يابوى، ما أنت عنديك صوابع ذي تمام، كورها وبص فيها "
طااااااااااااااااااااااااااخ
• " اخص ع الولد والتربية الزين، مستخصر ف بوك يبص بصوابعك عاد..!!؟ "
<><><><><><>
وهناك.. حيث مغارة المطاريد أنهمك زعيمهم طويل القامة (زعيزع) فى حوار مع أحد رجاله:
• " ما فيش أخبار عن الحكومه يا (سعيد) "
ابتسم (سعيد) وهو يشير بإتجاه حقول الكفر البادية أسفل الجبل:
• " له يا ريس، بس جتلى أخبار أنهم ما عرفينش مين هوه الكتيل م الأصل.. "
ابتسم (زعيزع) بدوره لتبدو أسنانه الصفراء:
• " و (هريدي)..!!، مافيش أخبار عنيه، حكم أني خابر الدهاز اللى عم بيجوله عليه، لزمن يحشروا نفسيهم فكل حاجه "
هم (سعيد) بطمأنة رئيسه، عندما أندفع إلى حيث يجلسان أحد المطاريد والقلق يبدو على ملامحه:
• " يا ريس (زعيزع) فيه تنين بيرجبونا ياجي من ساعه "
ثم أشار بيده نحو التل القريب مكملاً:
• " جاعدين يمة التل الذغير "
وقبل أن يلتفت أو يلقى رئيس المطاريد بإى كلمة، كان مساعده وزراعه اليمنى (سعيد) قد هب من مكانه وآشار إلى بعض الرجال، فتبعوه فى صمت والتفو بدورة واسعه حول التل ليفاجئوا (هريدي) والحاج (هدهد)
ومن موقعه لمح (زعيزع) رجاله وهم يُحكمون الخناق مقتربين من موقع (هريدي) ووالده، وبلا مقدمات أنطلقت أصوات البارود والصرخات العالية.. وأنتشرت سحابة من الغبار في موقع المعركة، ثم همد كل شئ كما بدأ.. بلا مقدمات.
<><><><><><>
ابتسم (زعيزع) رئيس المطاريد في ثقة وهو يتحدث إلى ذراعه اليمنى (سعيد)، داخل المغارة الخاصة بهم فى عمق الجبل:
• " هع، يعني (هريدي) وبوه بجيُم كُفته، عشان يحرموا يدسوا مناخيرهم في اللي ما يخصهمش عاد "
جاوبته ضحكات مساعده:
• " الرادل الكبير (هدهد) ما عيجمُش جبل شهر ع الأجل، وسي (هريدي) عيشيعوا جنازُته النهارده "
عادا يضحكان لبعض الوقت، ثم تنحنح (سعيد):
• " المهم يا ريس، عنعمل إيه مع التاجر اللى جاي النهارده...!! "
• " عنعمل إيه يعني...!!، عنجابله ذى إي تاجر بياجي يشتري بضاعة، عجبنا كلامه أهلاً وسهلاً، حسينا الغدر من يمته، عن خليه يحصل (هريدي)، هع هع هع هع هع "
عادا للضحك مرة آخرى، قبل أن يدخل المغارة أحد المطاريد مشيرًا إلى الخارج:
• " فيه تاجر بره بيجول أن فيه معاد معاك يا ريس (زعيزع) "
• " ده لزمن التاجر الجديد، هم بينا يا (سعيد) "
لحظات وكانا يجلسان إلى رجل ضخم الجثة، عريض المنكبين، مفتول العضلات، يبدو وكأنه مصارع ثيران وليس تاجر مخدرات، وكان يحيط وجهه بلثام عريض من الصوف، فضحك (زعيزع) وهو يشير إلى اللثام:
• " إيه، أنت بردان يا عمنا وله إيه...؟؟ "
هز التاجر رأسه وخرج صوته عميقًا:
• " مليكش صالح، وين البضاعه..؟؟ "
لم ترق طريقة التاجر لـ (زعيزع)، وعلى الرغم من ذلك فقد اشار إلى مساعده، فأنصرف ثم عاد بعد قليل وهو يحمل جوالاً من القماش، نفس الجوال الذي قتُل من أجله التاجر الأول:
• " البضاعة يا ريس "
تألقت عينا التاجر ببريق عجيب وهب من مكانه مندفعًا نحو الجوال، وحل عقدته سريعًا، ليظهر داخله نبات البانجو المخدر:
• " يابوى، كل ده باندو، يطلع كام كيلو ده..؟؟ "
ابتسم (زعيزع) فى غرور:
• " ده خمسين كيلو، ولو عايز اكتر اني فى الخدمة، بس نشوف ورجاتك الأول "
تراجع التاجر فى هدوء ومد يده إلى جلبابه مخرجًا صافرة، ما أن وقعت عينا (زعيزع) عليها حتى فغر فاه غير مستوعب:
• " إيه ده، اني بجولك لفيني الورجات تجوم تطلعلي زماره..!!! "
ابتسم التاجر، مُقربا ثقب الصافرة من فمه:
• " الزمارة عتجيب الورجات.. "
قرن قوله بالنفخ فى الصافرة التي يحملها، فسطعت فى المكان أضواء قوية مصحوبة بصرخات عنترية:
• " تحذير الى كل مطاريد الجبل، القوا أسلحتكم، المكان محاصر، لا داعي للمقاومة، الـ.............. "
وفى لحظات كان ما يقرب من مائة رجل شرطة يحيطون بالجميع، دون أن يجد المطاريد فرصة للمقاومة، فتراجع (زعيزع) غير مصدق لوقوعه فى قبضة الشرطة بعد كل هذه السنوات:
• " عملتها يا ولد الـ.....، أنت مين عاد..؟؟، إومين اللى سلطك عليا عاد..؟؟!!!!!!!! "
اقترب التاجر من (زعيزع) وهو يزيح اللثام عن وجهه:
• " اني (هريدي) يا واد الفرطوس "
اتسعت عينا (زعيزع) ومساعده غير مصدقين بينما يكمل (هريدي):
• " يكش صدجت أنك جتلتني "
ثم تعالت نبرة الفخر فى صوته:
• " اني الواعر (هريدي) ياولد الفرطوس منك ليه، محدش يجدر على واصل "
طااااااااااااااااااااااااااخ
• " ع تجول إيه يا دحش..!!!!! "
• " بوى، إيه اللي جومك من السرير، أنت لساك ما طبتش.......؟!! "
• " اخرص يا دحش، اني خابر نفسي اكتر م الحُكمه "
ابتسم رجال الشرطة للموقف الكوميدي بين (هريدي) ووالده، بينما تعالت ضحكات (زعيزع) وهم يقتادونه إلى سيارة الشرطة، فاشار الحاج (هدهد) إلى (هريدي)، فاسرع بحمله على كتفيه راكضًا، حتى اصبحا خلف (زعيزع) بالضبط و..........
طااااااااااااااااااااااااااخ
التفت (زعيزع) مذهولا وهو يتحسس مؤخرة عنقه إلى الحاج (هدهد) وتصاعدة الدماء إلى عينيه:
• " بجى أكده، عليا النعمه اني عـ......... "
طااااااااااااااااااااااااااخ
• " كل ما تزود عاديك يا دحش يا بتاع الباندو "
طااااااااااااااااااااااااااخ طااااااااااااااااااااااااااخ
تمت بحمد الله
Social Plugin