Hossam Ramadan
مارس 16, 2003
وااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا ااء
التفت (وائل) إلى باب غرفة عمليات مستشفى الولادة مع انطلاق هذا الهتاف، وخروج إحدى ممرضات المستشفى وهى تبتسم:
• الف مبروك يا بيه، جالك ولد
تهللت اسارير (وائل)، واخذ يقفز كالأطفال، وهو يمني نفسه برؤية صغيره الذى طالما حلم بإن يحمله بين ذراعيه و ....
• الحلاوه يا بيه
• حلاوة إيه هو احنا فـ مطعم
• مطعم؟؟، دمك خفيف يا بيه، أنا قصدي حلاوة المولود
ثم عادت إلى الإبتسام لتكشف عن أسنان صفراء، ارتعدت لها فرائص (وائل) فأسرع بإخراج خمسة جنيهات، القاها في يد الممرضه وهو ...
• واحنا يا بيه، ربنا يخليلك اسم النبي حارسه
• وأنا يا بيه
• وأنا يا بيه، ربنا يقوملك المدام بالف سلامه
كان هجومًا رهيبًا من ممرضي وممرضات المستشفى و...
<><><><><><><>
• تصور يا عمي، ماسبونيش إلا لما خدوا منى كل اللي كان فى جيبى
• معلش يا بني، ما هى برضه مناسبه ما بتجيش على طول
• جرى إيه يا أبو (سوسن)، أنت بتواسيه على سلامة مراته وأبنه
التفت (وائل) إلى حماته الست (حفيظة)، وقد خرجت للتو من غرفة نومه، بعد أن ساعدت زوجته (سوسن) على النوم، ونظرات الغضب التي تشتعل من عينيها، فتراجع أمامها كملاكم قزم يواجه عملاقاً رهيبًا، فى لقاء غير متكافئ
• لا ابدًا يا حماتى، ولا أنا ولا عمى نقصد حاجه مـ اللي فـ بالك
• آه كنت بحسب، وأسمع الأوضه دي ماتهوبش ناحيتها الليله خالص، مراتك محتاجه راحه هى والمولود
• طبعًا طبعًا يا حماتى، بس أنا كنت عايز أشوف النونو
• وهو هيروح فين النونو، ابقى شوفه بكره، يالله احنا يا (عبد الله) خلينا نروح نبات فى بيتنا
• امرك، تصبح على خير يا أبني وبكره حبقى اكلمكوا
• مع السلامه يا عمى
<><><><><><><>
لم يستطع (وائل) أن يكبح مشاعره الفياضه لرؤية وليده، الذى طالما أنتظره حتى أنهت زوجته المصون تعليمها الجامعى، والذى أستمر لثلاثة سنوات بعد زواجهما، حتى أتت اللحظه التي طالما أنتظرها، وعلى أطراف أصابعه أقترب من غرفة نومه، وعيناه تفيضان بالدموع، وقلبه يرقص فرحًا و..........
• على فين، اهو ده اللى كنت عامله حسابه
التفت (وائل) كالمصعوق، ليجد حماته على باب الشقه، وخلفها عمه (عبد الله) يلتقط أنفاسه بصعوبة:
• حماتى.. أنتِ رجعتى تانى، نسيتى حاجه ..؟، وبعدين أنتِ فتحتى الباب إذاى ..؟؟
• بالمفتاح يا عين حماتك، مفتاح مراتك كان معايا، والحمد لله أنى رجعت فى الوقت المناسب
• أنا مش فاهم حاجه، هو فى إيه يا عمى ..؟
• سيبك من عمك وخلى كلامك معايا، أنا مش نبهت عليك متجيش ناحية (سوسن) لحد الصبح
• يا حماتى اللى بتتكلمى عليها دى مراتى، واللى مش عايزانى أقربله ده أبنى، أبنى اللى بقالى تلات سنين بحلم باللحظه اللى هشيله فيها والعب معاه
• هدى أخلاقك يابنى مش كده، الحكايه مش مستهاله ، حماتك بس قصدها أنك تسيب مراتك تستريح لحد الصبح هى والنونو
• يا عمى أنا ادرى بمصلحتهم من إى حد
• إيه إيه، طب إيه رأيك أنى هبيت ف حضن بنتى وأبنها، وأبقى ورينى مصلحتهم دى شكلها إيه ..؟
ومرقت الست (حفيظة) كصاروخ توما هوك إلى غرفة النوم وأغلقت الباب خلفها:
• معلش يا أبنى أستحمل، وبعدين أبنك هيبقى طول الوقت معاك، ومحدش هيقدر يخده منك
• معلش يا عمى، الصبر جميل
<><><><><><><>
• (وائل) ............... (وائل)
• ايوه يا (سوسن) فى حاجه ..؟
• تعالى كلم ماما ع التليفون، وسيب (شهاب) دلوقت
• خير ..!!
• آلو مساء الخير يا حماتى، إيه.. ليه يا حماتى طب، الله الله وكل ده ليه، لكن وبعدين يا حماتى دى حاجه تخصنى، ومفيش حد يعرف ظروفى أحسن منى، مع السلامه
• إيه يا (وائل) فى إيه ..؟
• الست أمك بتملينى لسته عشان سبوع (شهاب)، أقولها مقدرش أجيب الحاجات دى، تقولى ولما أنت مش قد السبوع كنت متسربع ع الخلفه ليه ..؟!!
• وبعدين يا (وائل)، معلش اهو يوم ويعدى متدقش على كلام ماما دى قلبها طيب
• طيب اوى، عمومًا أنا مش حجيب غير اللى أقدر عليه
وأندفع مغادرًا المنزل والغضب يرسم لوحه غير ساره على ملامحه
<><><><><><><>
وقف (وائل) على باب شقته مودعًا المغادرين بعد إنتهاء سبوع وليده
• مع السلامه
• متشكر .. الف سلامه
وبعد انصراف الجميع بادرته زوجته:
• هاه الناس كلها مشيت يا (وائل) ..؟
• ايوه .. إلا الست والدتك.. أسمعى أنا داخل جوه قبل ما نمسك ف بعض
وقبل أن يتجه إلى غرفة نومه
• على فين يا جوز بنتى .. ؟
• داخل أغير هدومى يا حماتى عايزه حاجه ..؟
• حاجات يا روح حماتك حاجات
• خير يا حماتى ...!!!!
تراجعت الست (حفيظة) فى مجلسها وأسندت ظهرها إلى الكرسى وهى ترمق (وائل) بنظرات غير مريحه:
• بقى أسمع، إذا كنت سكت عـ السبوع اللى الأُرديحي ده، فعشان خاطر بنتى وخاطر عمك (عبد الله)، إنما يكون فى علمك
اندفعت الدماء إلى رأس (وائل) مقاطعًا حماته:
• علمى، جرى إيه يا حماتى، عايزانى أعمل سبوع جديد وله إيه ..؟؟
تدخل زوج الست (حفيظة) فى الحوار محاولاً تهدئة الأمور:
• جرى إيه يا جماعه، استهدى بالله يا (وائل) يا أبنى، حماتك قصدها تنبهك لشوية حاجات مش أكتر
• حاجات إيه يا عمى، أنا عايز أفهم ..؟
هبت الست (حفيظة) من جلستها ، والشرر يتطاير من عينيها:
• أنت بتزعق ما تيجى تخدنى قلمين ..!!
تدخلت (سوسن) فى الحوار لأول مره:
• وبعدين يا ماما وأنت يا (وائل)، كده هتصحوا الولد، أنا ما صدقت أنه نام، من فضلكوا وطوا صوتكم شويه
تنحنحت الست (حفيظة) وكأنها تنوى إلقاء خطبة عصماء:
• يا بنتى أنا قصدى مصلحتك، أنتِ محتاجه غذا، وأبنك عايز شويه لوازم، لعب وبمبرز ومتابعه عند دكتور و....
قاطعها (وائل) فى غضب :
• إيه ده، حد قالك إنى قاعد على بنك يا حماتى، أنا مجرد موظف مرتبى كله يدوب ع الحاجات الضروريه، مش بامبرز ولعب، هو الواد لسه يعرف لعب وله غيره، ثم إيه البامبرز ده ..؟!!!، وبعدين هي (سوسن) قالتلك أنى ماباكلهاش ...!!!
انتفضت (سوسن) وأستدارت تواجه والدتها وزوجها:
• اخص عليك يا (وائل)، كده برضه يا ماما عاجبك كده ..؟؟
هب الحاج (عبدالله) من مكانه منزعجًا:
• يا وليه حرام عليكى هتخربى ع العيال
انتفضت الست (حفيظة):
• الله هو أنا قصدى شر، أنا بقول الصالح يا سى (عبد الله)
• طب يالله قدامى تصبح على خير يا أبنى، الف مبروك يا (سوسن) يا بنتى ويتربى فـ عزكوا إن شاء الله
• مع السلامه يا عمى ابقى طمنى عليك بإستمرار
• كده برضه يا (وائل) اهون عليك ..؟!!!
التفت (وائل) إلى زوجته بعد أن أغلق الباب ورسم ابتسامه على شفتيه وهو يمد إليها يديه:
• أنا أسف يا حبيبتى سامحينى، بس الست أمك نرفزتنى
• يا سلام تقوم تطلع غلك فيا ....!!
• وأنا أقدر برضه أدى رأسك وأيدك و ......
وآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآء
• ايوه يا حبيبى ماما جايه
• اهلاً أحنا هنبتدى نعاكس بعض يا سي (شهاب)، ماشي
<><><><><><><>
• أستاذ (وائل)
التفت (وائل) خلفه على صوت جاره الأسطى (سيد) السباك، الواقف كالغوريلا على باب شقته، والتى لم يكن (وائل) قد تجاوزها ببضع درجات، فرسم على شفتيه ابتسامه:
• اهلاً يا أسطى (سيد)، أزيك عامل إيه ..؟
• لا اهلاً ولا سهلاً، ولا أزيك ولاعامل إيه، أسمع هي كلمه من دلوقت وقبل ما الأمور تستفحل، لم أبنك وأقصره عن طريق بنتى، وإلا عليا النعمه لكون مكوعه ورسمه حرف T
ارتد (وائل) كالمصعوق حتى كاد يسقط على ظهره وهو يجيب فى بلاهه:
• أبنى، (شهاب)، أنا مش فاهم، ده لسه ما كملش كام شهر، هو حصل إيه بالضبط .؟؟
قاطعه (سيد) فى غلظه:
• امبارح بنتى طلعت تستلف من عندكوا حله لمؤاخذه، نزلت وشها متغير، ولما سئلتها قالتلى أن أبنك عاكسها ومسك إيديها، وأنا بحذرك لو أكررت العمليه دى تانى مش هيحصل كويس
ثم تراجع للخلف وأغلق الباب في عنف، بينما تسمر (وائل) فى مكانه ونظرة البلاهه ترتسم على ملامحه:
• يا أبن الايه يا (شهاب) من دلوقت، امُال لما تكبر شويه هتعمل إيه ..؟؟!!!!!!!!!
<><><><><><><>
• الحقني يا (وائل)
هب (وائل) من نومه مذعورًا على صوت زوجته (سوسن)، فأسرع إلى ردهة المنزل مصدر الصوت:
• إيه مالك بتصرخى ليه ..؟؟
• مش لقياه، كان نايم هنا، رحت أعمل عصير رجعت ملقتهوش
نظر (وائل) إلى زوجته مندهشًا، وحك رأسه فى تكاسل الذى لم يُفارقه النُعاس بعد:
• هو مين ده ..؟؟
• مين إيه ..؟ (شهاب) يا (وائل)، أبنك أتخطف
ارتعدت فرائص (وائل) وأمسك بذراعى زوجته وهو يرتعش:
• أبنى ومين اللى خطفه ..؟؟، هو باب الشقه كان مفتوح ..؟؟!!
• لاء، لكن أنا مش لقياه يبقى راح فين
اطل الغضب واضحًا من عينى (وائل) وهو يجرى كالمجنون فى كل مكان بالشقه
• ده إهمال يا هانم، إزاى تسيبي طفل صغير لوحده إزاى
أسرعت (سوسن) إليه وأخذ الأثنان يفتشان كل أرجاء المنزل إلى أن وصلا غرفة النوم، فجلسا والدموع تغطى وجهيهما:
• يعنى إيه، الولد أتخطف وله العفاريت أكلته ..؟؟!!
قبل أن يجيب (وائل) فوجئا بصوت مألوف يأتى من مكان قريب، فأرتميا أرضا ينظران أسفل الفراش، وإذا بالمحروس (شهاب) وقد أستلقى على ظهره فى تلذذ، ممسكاً شخليله، وما أن لمح والديه حتى أبتسم مشيرًا لهما بلعبته، فأسرعت (سوسن) تجذبه فى رفق، بينما جلس (وائل) على ركبتيه ناظرًا إليه فى غيظ:
• هو احنا لسه شفنا حاجه، بكره تكبر وندور عليك فى الشارع ونلاقيك على قهوه وله تحت عمود نور مش تحت السرير
<><><><><><><>
التفت (وائل) إلى صغيره (شهاب) الذى تبدو عليه السعاده الكبيره، وهو يلهو بعلبة ثقاب وعقد حاجبيه لبعض الوقت قبل أن يتحدث مع زوجته (سوسن):
• مش خطر أن الولد يلعب بالكبريت ف السن دى ..؟؟
ضحكت (سوسن) فى لا مبالاة ..؟؟
• أنت بقى عاوز تتوه وما تتكلمش ف موضوع عيد ميلاد (شهاب) مش كده ..؟؟
علت شفتى (وائل) إبتسامه ماكرة وهو يجيب:
• تفتكرى لو كنت عايز اتوه زى ما أنتِ فاكره، إيه اللى يمنع أنى أرفض أساسًا ..؟؟ كل الحكايه أنى مش مبسوط من لعب الولد بالكبريت
انهمك (وائل) و(سوسن) فى مناقشه حاميه حول اللعب التى يمكن أن تُنمى مواهب الصغير وتلك التى تضر به وبنموه، وفى هذه الأثناء أنسحب (شهاب) إلى شرفة المنزل فى هدوء ليواصل اللعب بعيدًا عن صراخ والديه
• حاولى تفهمى يا حبيبتى، أنا كل قصدى أن الـ...........، إيه ده أنا شامم ريحة شياط
هبت (سوسن) من جلستها وأندفعت إلى حيث تركت صغيرها وخلفها (وائل) يصرخ:
• شوفتى يا هانم ادى اللى أنا كنت عامل حسابه
وصلا فى هذه اللحظه إلى شرفة المنزل حيث جلس طفلهما يشعل أعواد الثقاب ويلقيها فى تتابع من فتحات السور وهو يضحك فى براءه، فأسرع (وائل) يختطف العلبه والثقاب من بين يديه، بينما أحتضنته (سوسن) والصغير ينظر لهما فى دهشه، ما لبثت أن تحولت إلى غضب أنقلب فى لحظات إلى بكاء طفولى متقطع، لإنتزاعهما لعبته الجديده من بين يديه، وفى نفس اللحظه دق جرس الباب ، فاتجه إليه (وائل) ليجد جاره الأسطى (سيد) السباك وشياطين الغضب تتقافز من عينيه:
• اهلاً أسطى (سيد) أتفضل
• لا اهلاً ولا سهلاً، ولا أتفضل ولا أتشرف، بقى شوف كونك ساكن فوق منى ده ما يدكش الحق ابدًا تحدف عليا نار يا سى الأستاذ
قاطعه (وائل) محاولاً تهدئته:
• يا أسطى (سيد) الحكايه فيها سوء تفاهم أصل (شهاب) كان بيلعب بالكبريت وبعدين .....
انتفخت عروق الأسطى (سيد) بشده صارخًا:
• قولتلى، لهى الحكايه مـ المحروس أبنك ..!!، يعنى هوه بيعمل عقله بعقلى، أكمنى منعت البت مـ اللعب معاه، يقوم عايز يخلص منى عشان الجو يصفاله، مش كده ..!!!!
كاد (وائل) ينفجر ضاحكاً لولا أن تماسك فى اللحظه الأخيره:
• كلام إيه اللى بتقوله ده يا أسطى (سيد)، دى حاجة ما تدخلش العقل، (شهاب) النهارده يتم سنه، يعنى مش ممكن يـ.......
قاطعه الأسطى (سيد) مجددًا وهو يتحرك مبتعدًا:
• ده اخر تحذير وبعد كده ما حدش يلومنى
أغلق (وائل) الباب وأتجه إلى حيث يرقد صغيره في ردهة المنزل بعد أن كف عن البكاء:
• ولسه.. بكره تدخلنى القسم بعاميلك دى، أنما قلى ماما فين وسايبانى لوحدى مع الأسطى كوع ..!!!!
جاءه صوت (سوسن) ضعيفًا واهنًا فى نفس اللحظه:
• أنا هنا يا (وائل)
أندفع (وائل) إلى غرفة النوم، حيث جلست (سوسن) على طرف الفراش ممسكة بمعدتها فى الم، فهتف بها منزعجًا:
• مالك، عندك مغص وله إيه ..؟؟
ابتسمت فى إرهاق واطلقت ضحكه صافيه، وهى تسند رأسها على كتفه
• لا يا حبيبي مش مغص، انا حجيب لإبنك أخ
• اااااااااااااااااااااااااااااااخ
التفت (وائل) إلى باب غرفة عمليات مستشفى الولادة مع انطلاق هذا الهتاف، وخروج إحدى ممرضات المستشفى وهى تبتسم:
• الف مبروك يا بيه، جالك ولد
تهللت اسارير (وائل)، واخذ يقفز كالأطفال، وهو يمني نفسه برؤية صغيره الذى طالما حلم بإن يحمله بين ذراعيه و ....
• الحلاوه يا بيه
• حلاوة إيه هو احنا فـ مطعم
• مطعم؟؟، دمك خفيف يا بيه، أنا قصدي حلاوة المولود
ثم عادت إلى الإبتسام لتكشف عن أسنان صفراء، ارتعدت لها فرائص (وائل) فأسرع بإخراج خمسة جنيهات، القاها في يد الممرضه وهو ...
• واحنا يا بيه، ربنا يخليلك اسم النبي حارسه
• وأنا يا بيه
• وأنا يا بيه، ربنا يقوملك المدام بالف سلامه
كان هجومًا رهيبًا من ممرضي وممرضات المستشفى و...
<><><><><><><>
• تصور يا عمي، ماسبونيش إلا لما خدوا منى كل اللي كان فى جيبى
• معلش يا بني، ما هى برضه مناسبه ما بتجيش على طول
• جرى إيه يا أبو (سوسن)، أنت بتواسيه على سلامة مراته وأبنه
التفت (وائل) إلى حماته الست (حفيظة)، وقد خرجت للتو من غرفة نومه، بعد أن ساعدت زوجته (سوسن) على النوم، ونظرات الغضب التي تشتعل من عينيها، فتراجع أمامها كملاكم قزم يواجه عملاقاً رهيبًا، فى لقاء غير متكافئ
• لا ابدًا يا حماتى، ولا أنا ولا عمى نقصد حاجه مـ اللي فـ بالك
• آه كنت بحسب، وأسمع الأوضه دي ماتهوبش ناحيتها الليله خالص، مراتك محتاجه راحه هى والمولود
• طبعًا طبعًا يا حماتى، بس أنا كنت عايز أشوف النونو
• وهو هيروح فين النونو، ابقى شوفه بكره، يالله احنا يا (عبد الله) خلينا نروح نبات فى بيتنا
• امرك، تصبح على خير يا أبني وبكره حبقى اكلمكوا
• مع السلامه يا عمى
<><><><><><><>
لم يستطع (وائل) أن يكبح مشاعره الفياضه لرؤية وليده، الذى طالما أنتظره حتى أنهت زوجته المصون تعليمها الجامعى، والذى أستمر لثلاثة سنوات بعد زواجهما، حتى أتت اللحظه التي طالما أنتظرها، وعلى أطراف أصابعه أقترب من غرفة نومه، وعيناه تفيضان بالدموع، وقلبه يرقص فرحًا و..........
• على فين، اهو ده اللى كنت عامله حسابه
التفت (وائل) كالمصعوق، ليجد حماته على باب الشقه، وخلفها عمه (عبد الله) يلتقط أنفاسه بصعوبة:
• حماتى.. أنتِ رجعتى تانى، نسيتى حاجه ..؟، وبعدين أنتِ فتحتى الباب إذاى ..؟؟
• بالمفتاح يا عين حماتك، مفتاح مراتك كان معايا، والحمد لله أنى رجعت فى الوقت المناسب
• أنا مش فاهم حاجه، هو فى إيه يا عمى ..؟
• سيبك من عمك وخلى كلامك معايا، أنا مش نبهت عليك متجيش ناحية (سوسن) لحد الصبح
• يا حماتى اللى بتتكلمى عليها دى مراتى، واللى مش عايزانى أقربله ده أبنى، أبنى اللى بقالى تلات سنين بحلم باللحظه اللى هشيله فيها والعب معاه
• هدى أخلاقك يابنى مش كده، الحكايه مش مستهاله ، حماتك بس قصدها أنك تسيب مراتك تستريح لحد الصبح هى والنونو
• يا عمى أنا ادرى بمصلحتهم من إى حد
• إيه إيه، طب إيه رأيك أنى هبيت ف حضن بنتى وأبنها، وأبقى ورينى مصلحتهم دى شكلها إيه ..؟
ومرقت الست (حفيظة) كصاروخ توما هوك إلى غرفة النوم وأغلقت الباب خلفها:
• معلش يا أبنى أستحمل، وبعدين أبنك هيبقى طول الوقت معاك، ومحدش هيقدر يخده منك
• معلش يا عمى، الصبر جميل
<><><><><><><>
• (وائل) ............... (وائل)
• ايوه يا (سوسن) فى حاجه ..؟
• تعالى كلم ماما ع التليفون، وسيب (شهاب) دلوقت
• خير ..!!
• آلو مساء الخير يا حماتى، إيه.. ليه يا حماتى طب، الله الله وكل ده ليه، لكن وبعدين يا حماتى دى حاجه تخصنى، ومفيش حد يعرف ظروفى أحسن منى، مع السلامه
• إيه يا (وائل) فى إيه ..؟
• الست أمك بتملينى لسته عشان سبوع (شهاب)، أقولها مقدرش أجيب الحاجات دى، تقولى ولما أنت مش قد السبوع كنت متسربع ع الخلفه ليه ..؟!!
• وبعدين يا (وائل)، معلش اهو يوم ويعدى متدقش على كلام ماما دى قلبها طيب
• طيب اوى، عمومًا أنا مش حجيب غير اللى أقدر عليه
وأندفع مغادرًا المنزل والغضب يرسم لوحه غير ساره على ملامحه
<><><><><><><>
وقف (وائل) على باب شقته مودعًا المغادرين بعد إنتهاء سبوع وليده
• مع السلامه
• متشكر .. الف سلامه
وبعد انصراف الجميع بادرته زوجته:
• هاه الناس كلها مشيت يا (وائل) ..؟
• ايوه .. إلا الست والدتك.. أسمعى أنا داخل جوه قبل ما نمسك ف بعض
وقبل أن يتجه إلى غرفة نومه
• على فين يا جوز بنتى .. ؟
• داخل أغير هدومى يا حماتى عايزه حاجه ..؟
• حاجات يا روح حماتك حاجات
• خير يا حماتى ...!!!!
تراجعت الست (حفيظة) فى مجلسها وأسندت ظهرها إلى الكرسى وهى ترمق (وائل) بنظرات غير مريحه:
• بقى أسمع، إذا كنت سكت عـ السبوع اللى الأُرديحي ده، فعشان خاطر بنتى وخاطر عمك (عبد الله)، إنما يكون فى علمك
اندفعت الدماء إلى رأس (وائل) مقاطعًا حماته:
• علمى، جرى إيه يا حماتى، عايزانى أعمل سبوع جديد وله إيه ..؟؟
تدخل زوج الست (حفيظة) فى الحوار محاولاً تهدئة الأمور:
• جرى إيه يا جماعه، استهدى بالله يا (وائل) يا أبنى، حماتك قصدها تنبهك لشوية حاجات مش أكتر
• حاجات إيه يا عمى، أنا عايز أفهم ..؟
هبت الست (حفيظة) من جلستها ، والشرر يتطاير من عينيها:
• أنت بتزعق ما تيجى تخدنى قلمين ..!!
تدخلت (سوسن) فى الحوار لأول مره:
• وبعدين يا ماما وأنت يا (وائل)، كده هتصحوا الولد، أنا ما صدقت أنه نام، من فضلكوا وطوا صوتكم شويه
تنحنحت الست (حفيظة) وكأنها تنوى إلقاء خطبة عصماء:
• يا بنتى أنا قصدى مصلحتك، أنتِ محتاجه غذا، وأبنك عايز شويه لوازم، لعب وبمبرز ومتابعه عند دكتور و....
قاطعها (وائل) فى غضب :
• إيه ده، حد قالك إنى قاعد على بنك يا حماتى، أنا مجرد موظف مرتبى كله يدوب ع الحاجات الضروريه، مش بامبرز ولعب، هو الواد لسه يعرف لعب وله غيره، ثم إيه البامبرز ده ..؟!!!، وبعدين هي (سوسن) قالتلك أنى ماباكلهاش ...!!!
انتفضت (سوسن) وأستدارت تواجه والدتها وزوجها:
• اخص عليك يا (وائل)، كده برضه يا ماما عاجبك كده ..؟؟
هب الحاج (عبدالله) من مكانه منزعجًا:
• يا وليه حرام عليكى هتخربى ع العيال
انتفضت الست (حفيظة):
• الله هو أنا قصدى شر، أنا بقول الصالح يا سى (عبد الله)
• طب يالله قدامى تصبح على خير يا أبنى، الف مبروك يا (سوسن) يا بنتى ويتربى فـ عزكوا إن شاء الله
• مع السلامه يا عمى ابقى طمنى عليك بإستمرار
• كده برضه يا (وائل) اهون عليك ..؟!!!
التفت (وائل) إلى زوجته بعد أن أغلق الباب ورسم ابتسامه على شفتيه وهو يمد إليها يديه:
• أنا أسف يا حبيبتى سامحينى، بس الست أمك نرفزتنى
• يا سلام تقوم تطلع غلك فيا ....!!
• وأنا أقدر برضه أدى رأسك وأيدك و ......
وآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآء
• ايوه يا حبيبى ماما جايه
• اهلاً أحنا هنبتدى نعاكس بعض يا سي (شهاب)، ماشي
<><><><><><><>
• أستاذ (وائل)
التفت (وائل) خلفه على صوت جاره الأسطى (سيد) السباك، الواقف كالغوريلا على باب شقته، والتى لم يكن (وائل) قد تجاوزها ببضع درجات، فرسم على شفتيه ابتسامه:
• اهلاً يا أسطى (سيد)، أزيك عامل إيه ..؟
• لا اهلاً ولا سهلاً، ولا أزيك ولاعامل إيه، أسمع هي كلمه من دلوقت وقبل ما الأمور تستفحل، لم أبنك وأقصره عن طريق بنتى، وإلا عليا النعمه لكون مكوعه ورسمه حرف T
ارتد (وائل) كالمصعوق حتى كاد يسقط على ظهره وهو يجيب فى بلاهه:
• أبنى، (شهاب)، أنا مش فاهم، ده لسه ما كملش كام شهر، هو حصل إيه بالضبط .؟؟
قاطعه (سيد) فى غلظه:
• امبارح بنتى طلعت تستلف من عندكوا حله لمؤاخذه، نزلت وشها متغير، ولما سئلتها قالتلى أن أبنك عاكسها ومسك إيديها، وأنا بحذرك لو أكررت العمليه دى تانى مش هيحصل كويس
ثم تراجع للخلف وأغلق الباب في عنف، بينما تسمر (وائل) فى مكانه ونظرة البلاهه ترتسم على ملامحه:
• يا أبن الايه يا (شهاب) من دلوقت، امُال لما تكبر شويه هتعمل إيه ..؟؟!!!!!!!!!
<><><><><><><>
• الحقني يا (وائل)
هب (وائل) من نومه مذعورًا على صوت زوجته (سوسن)، فأسرع إلى ردهة المنزل مصدر الصوت:
• إيه مالك بتصرخى ليه ..؟؟
• مش لقياه، كان نايم هنا، رحت أعمل عصير رجعت ملقتهوش
نظر (وائل) إلى زوجته مندهشًا، وحك رأسه فى تكاسل الذى لم يُفارقه النُعاس بعد:
• هو مين ده ..؟؟
• مين إيه ..؟ (شهاب) يا (وائل)، أبنك أتخطف
ارتعدت فرائص (وائل) وأمسك بذراعى زوجته وهو يرتعش:
• أبنى ومين اللى خطفه ..؟؟، هو باب الشقه كان مفتوح ..؟؟!!
• لاء، لكن أنا مش لقياه يبقى راح فين
اطل الغضب واضحًا من عينى (وائل) وهو يجرى كالمجنون فى كل مكان بالشقه
• ده إهمال يا هانم، إزاى تسيبي طفل صغير لوحده إزاى
أسرعت (سوسن) إليه وأخذ الأثنان يفتشان كل أرجاء المنزل إلى أن وصلا غرفة النوم، فجلسا والدموع تغطى وجهيهما:
• يعنى إيه، الولد أتخطف وله العفاريت أكلته ..؟؟!!
قبل أن يجيب (وائل) فوجئا بصوت مألوف يأتى من مكان قريب، فأرتميا أرضا ينظران أسفل الفراش، وإذا بالمحروس (شهاب) وقد أستلقى على ظهره فى تلذذ، ممسكاً شخليله، وما أن لمح والديه حتى أبتسم مشيرًا لهما بلعبته، فأسرعت (سوسن) تجذبه فى رفق، بينما جلس (وائل) على ركبتيه ناظرًا إليه فى غيظ:
• هو احنا لسه شفنا حاجه، بكره تكبر وندور عليك فى الشارع ونلاقيك على قهوه وله تحت عمود نور مش تحت السرير
<><><><><><><>
التفت (وائل) إلى صغيره (شهاب) الذى تبدو عليه السعاده الكبيره، وهو يلهو بعلبة ثقاب وعقد حاجبيه لبعض الوقت قبل أن يتحدث مع زوجته (سوسن):
• مش خطر أن الولد يلعب بالكبريت ف السن دى ..؟؟
ضحكت (سوسن) فى لا مبالاة ..؟؟
• أنت بقى عاوز تتوه وما تتكلمش ف موضوع عيد ميلاد (شهاب) مش كده ..؟؟
علت شفتى (وائل) إبتسامه ماكرة وهو يجيب:
• تفتكرى لو كنت عايز اتوه زى ما أنتِ فاكره، إيه اللى يمنع أنى أرفض أساسًا ..؟؟ كل الحكايه أنى مش مبسوط من لعب الولد بالكبريت
انهمك (وائل) و(سوسن) فى مناقشه حاميه حول اللعب التى يمكن أن تُنمى مواهب الصغير وتلك التى تضر به وبنموه، وفى هذه الأثناء أنسحب (شهاب) إلى شرفة المنزل فى هدوء ليواصل اللعب بعيدًا عن صراخ والديه
• حاولى تفهمى يا حبيبتى، أنا كل قصدى أن الـ...........، إيه ده أنا شامم ريحة شياط
هبت (سوسن) من جلستها وأندفعت إلى حيث تركت صغيرها وخلفها (وائل) يصرخ:
• شوفتى يا هانم ادى اللى أنا كنت عامل حسابه
وصلا فى هذه اللحظه إلى شرفة المنزل حيث جلس طفلهما يشعل أعواد الثقاب ويلقيها فى تتابع من فتحات السور وهو يضحك فى براءه، فأسرع (وائل) يختطف العلبه والثقاب من بين يديه، بينما أحتضنته (سوسن) والصغير ينظر لهما فى دهشه، ما لبثت أن تحولت إلى غضب أنقلب فى لحظات إلى بكاء طفولى متقطع، لإنتزاعهما لعبته الجديده من بين يديه، وفى نفس اللحظه دق جرس الباب ، فاتجه إليه (وائل) ليجد جاره الأسطى (سيد) السباك وشياطين الغضب تتقافز من عينيه:
• اهلاً أسطى (سيد) أتفضل
• لا اهلاً ولا سهلاً، ولا أتفضل ولا أتشرف، بقى شوف كونك ساكن فوق منى ده ما يدكش الحق ابدًا تحدف عليا نار يا سى الأستاذ
قاطعه (وائل) محاولاً تهدئته:
• يا أسطى (سيد) الحكايه فيها سوء تفاهم أصل (شهاب) كان بيلعب بالكبريت وبعدين .....
انتفخت عروق الأسطى (سيد) بشده صارخًا:
• قولتلى، لهى الحكايه مـ المحروس أبنك ..!!، يعنى هوه بيعمل عقله بعقلى، أكمنى منعت البت مـ اللعب معاه، يقوم عايز يخلص منى عشان الجو يصفاله، مش كده ..!!!!
كاد (وائل) ينفجر ضاحكاً لولا أن تماسك فى اللحظه الأخيره:
• كلام إيه اللى بتقوله ده يا أسطى (سيد)، دى حاجة ما تدخلش العقل، (شهاب) النهارده يتم سنه، يعنى مش ممكن يـ.......
قاطعه الأسطى (سيد) مجددًا وهو يتحرك مبتعدًا:
• ده اخر تحذير وبعد كده ما حدش يلومنى
أغلق (وائل) الباب وأتجه إلى حيث يرقد صغيره في ردهة المنزل بعد أن كف عن البكاء:
• ولسه.. بكره تدخلنى القسم بعاميلك دى، أنما قلى ماما فين وسايبانى لوحدى مع الأسطى كوع ..!!!!
جاءه صوت (سوسن) ضعيفًا واهنًا فى نفس اللحظه:
• أنا هنا يا (وائل)
أندفع (وائل) إلى غرفة النوم، حيث جلست (سوسن) على طرف الفراش ممسكة بمعدتها فى الم، فهتف بها منزعجًا:
• مالك، عندك مغص وله إيه ..؟؟
ابتسمت فى إرهاق واطلقت ضحكه صافيه، وهى تسند رأسها على كتفه
• لا يا حبيبي مش مغص، انا حجيب لإبنك أخ
• اااااااااااااااااااااااااااااااخ
تمت بحمد الله