يونيو 2003 - مدونة حسام

أول مدونة مصرية وعربية تعتمد الألش أسلوب حياة!

Navigation-Menus (Do Not Edit Here!)

Hot

Post Top Ad

15 يونيو 2003

نحن وأنتم والعصفور

يونيو 15, 2003 0

هناك أسطورة، وهناك شهود على أنها ليست بالأسطورة
هناك من يصغي إلينا، من ينقل أخبارنا ويشي بإسرارنا، ذلك الوغد ذلك الـ .....

***********
-1- نحن
هممممممممممممممم
حقيقة لا أعرف كيف ابدأ.. ولى عذرى.. فأنا وكما تعلمون مجرد طفل لم يتخطى العاشرة بعد..
المفروض أن أصف لكم نفسى وأصدقائى (فريقي الخاص) في هذه المساحة الضيقة..

لكن ........
أى وصف ترغبون..؟
هذا أسمر، وهذا قصير، وذاك له يد واحدة..
رجاءً.. لا تنفثوا زفيركم بكل هذا الضيق..
سأحاول الأختصار، وسأبدأ بنفسى.. ألست الزعيم؟

أسمى (سمسم) طبعًا هو أسمى حركى (كل زعيم له أسم حركى)
أسمى الحقيقى ..؟، لا داعى لأن تعرفوه (أمى علمتنى ألا أثق بالغرباء)
عمرى تقريبًا عشر سنوات، لست متأكدًا بالضبط.. فأخر شىء أجيده هو الحساب والأرقام

كيف أبدو..؟
سؤال وجيه، وأجابته بسيطة.. لو أن لكم أشقاء في مثل عمرى ستدركون شكلى بالضبط، كل الأطفال تتشابه ملامحهم في هذا العمر، مجرد شيطان صغير يرتدى شورت وتي شيرت وكوتشي (باتا على الأرجح)، وفي المعتاد تحمل ملامحه براءة لا تعرف تصرفاته لها معنى.

والآن رفاقي أو أفراد الفريق..
منذ وعت عيناى هذا العالم ولى من الأصدقاء ثلاثة لا نفترق أبدًا، وقد ساعدت أقامتنا في حى واحد على تقاربنا أكثر

أولهم أسمه ( بسبس )
له أسم حركى آخر ولكنه طويل جدًا، وملىء بالواوات، في مثل عمرى تقريبًا أو أقل ببضعة أشهر، وهو أطولنا أذ يقترب من المائة وعشرون سنتيمتر (طول فارع)، سريع الملاحظة للغاية، ونظرًا لهاتان الصفتان فقد كنا نستغله كمنصة متحركة للمراقبة والأستشعار عن بعد، وهو لا يكف عن الضحك طوال الوقت.

ربما نفكر في عرضه على طبيب نفسي في المستقبل.

الثاني (طاحونة)
أسم عجيب لكنه يناسبه تمامًا، أقصرنا إذ لم يتجاوز الستون سنتيمتر، وربما لهذا لا يكف عن طحن وتحطيم كل ما يقع بين يديه.

عقدة آخرى.. أعتقد أننى سأعرض الفريق بالكامل على طبيب نفسى

ورغم هذا فـ (طاحونة) مفيد جدًا، يكفى لأثبات هذا أن تعلموا أنه عبقري في فك وتجميع كل أنواع اللعب والأدوات الكهربية، رغم أن الأمور دائمًا ما تنتهى به إلى اللوم والتقريع.

الثالث، وكما يقولون ختامُها مسك.. (العشوائى)
قائد جناح المؤخرة، في المعتاد عندما تبدأ واحدة من عمليات الفريق يكون هو المسئول عن حراسة ظهورنا وهو بارع في أمور الحراسة إلى حد لا يوصف، لهذا فهو الوحيد الذى لا يصيبه أى خدش!!.

قوى البنية ربما بسبب ولعه الشديد بأكل الجزر، لم أرى في حياتي من يعشق الجزر مثله.
أنه يضعه في الشاي بديلاً عن السكر.

هل وصلتكم الصورة..؟
ماذا، كيف أصبحت الزعيم..؟
ولماذا لا أكون.. ؟، في العادة لا يسئلون الزعماء والقادة لماذا هم كذلك..؟، بل يسئلون لماذا لم يغد العالم كله زعماء..؟

***********
-2- أنتم

لحظة ..
لا تديروا وجوهكم .. مخطئون لو تصورتم أننى سأواصل لعبة الوصف السابقة، لماذا..؟
ببساطة، لأن هذه طبيعة الزعماء ولا أحب الكشف عن مكنونات عواطفى تجاه أعد........
أقصد تجاه الطرف الآخر ..

حسنًا لماذا وضعت هذا العنوان ..؟
همممممممممم
أنا عبقرى .. وتوقعت هذا السؤال
وطبعًا أعددت له جوابًا مُفحمًا

ما هو ...؟
أن أضعكم في الصورة .. أن تعلموا بالضبط مع من أتعامل وأتناقش و......
وأصارع ..

نعم أصارع.. لم تخطئوا القراءة
إن حياة الطفل منذ مولده إلى أن يغدو شابًا فتيًا ما هى إلا حلبة مصارعة البقاء فيها للأقوى والأكثر ذكاء.

***********
- 3- المشكلة

نهار عادى .. الشمس تبدأ رحلتها اليومية وتنتشر أشعتها في كل مكان وصوب.. تطرد الخوف والظلام والجراثيم، والأطفال من أسرتهم (جمع سرير أو فراش باللغة العربية)، إلى الشوارع الفسيحة.

أجلس أنا و(طاحونة) و(العشوائى)، على السور الخلفى القصير لمنزلى في أنتظار وصول (بسبس)، كل منا يُمسك في يده مجموعة من الحصوات الصغيرة (ظلطة يعني)، نتسلى بقذفها على الحائط المواجه لنا.

بالمناسبة هو حائط منزل (طاحونة)، حائط عادى جدًا لا يميزة إلا نافذة مزكرشة بالعديد من الألوان والأشكال المتداخلة، تلك النافذة التى أخبرنا (طاحونة) أن والده قد أشترى زجاجها بمبلغ كبير بعض الشىء.

كانت محاولاتنا البسيطة تعتمد على أصابة نقطة معينة حددناها سابقاً أسفل النافذة مباشرة.
• دورك يا (سمسم)
صوت (العشوائى) .. لو أننا في واحدة من مهمات الفريق لأنهالت علينا قذائف الأعداء، هذا الفتى لن يتعلم طريقة لخفض نبرات صوته أبدًا
• طيب .. بص منك له، يمكن تتعلموا

وهكذا أتخذت وقفة مميزة واضعًا يمناى في وسطى، ويدي اليسرى تُمسك الحصوة وتوجهها بأتقان نحو البقعة المقصودة، شهيق زفير، الآن، و ........ طاااااااااخ ، أصابة مباشرة فى الطرف السفلى للنافذة، بضعة سنتيمترات وكانت إصابة الزجاج أمر حتمى.

• يا سلام .. أيه الحلاوة دي يا زعيم
التفتنا جميعًا إلى مصدر الصوت، خمنوا .. بالطبع كان (بسبس)، يقف حاجزًا ضوء الشمس بطوله الفارع عن عيوننا، مستندًا إلى حائط منزل (طاحونة)، وأبتسامة عابثة تغلف وجهه بالكامل.
• أتاخرت ليه يا (بسبس)
• أسف يا زعيم، الحصار كان جامد النهاردة

هممممممم
أعتقد أنكم تعلمون ماهية هذا الحصار، أنهم والديه بالطبع، الحقيقة أننى لم أتمكن (رغم قدراتى كقائد وزعيم) من فهم الأسلوب الغريب الذى يتعامل به الأباء مع أبنائهم، الكثير من الشدة والنظرات الثاقبة، وقاموس كامل من عبارة واحدة ((لاء يعنى لاء))، كم أتمنى أن يُسرع بى العمر وأغدو كبيرًا لأفهم من أين أتت هذه العبارة التى طالما تقلب لحظات النشوة إلى بكاء ودموع، أود أن أعرف من مخترعها..؟، (سامحه الله).

• حنعمل أيه النهاردة يا زعيم
أنتزعنى سؤال (طاحونة) من أفكارى، فأسندت رأسى إلى قبضتى اليمنى ورحت أجول ببصري بين وجوه رفاقى، حقاً ماالذى سنفعله اليوم ..؟

هل نستمر في مضايقة جارتنا العجوز ونقلب لها أنية الزهور التى تضعها أمام باب منزلها..؟، أم نبدأ في مطاردة القطة المشمشية ..؟، أم نقتحم المقر الخاص بفرقة البعبيع (منافسينا على زعامة المنطقة) ونتعارك معهم كالعادة ..؟، أم نبدأ في لعب الكرة التى لا يجيد رفاقى إلا الركض خلفها .. على الرغم من الدروس المستمرة التى أعُطيهم أياها في كيفية التعامل معها، أم نذهب إلـ ..........

• أيه يا زعيم، سرحت ف أيه ..؟
واضعًا يدي في أذنى التى أقترب من فقدانها للأبد:
• بصراحة مش عارف يا (عشوائى)

ثم واقفاً محاولاً أن أرسم أقصى درجات السرور على ملامحى:
• أيه رأيكوا أنتوا، النهاردة أنا حسبكوا تختاروا، وأعتبروا ده تدريب على الزعامة
• واو .. تدريب، وماله يا زعيمنا، بس أدينا فرصة نفكر

عدت أجلس مكانى بينما هب ثلاثتهم ووجوههم تحمل أقصى إمارات التفكير، وأخذ كل منهم يروح ويجىء وكأنه يطارد خياله على الأرض، ودون أن نشعر مر الوقت كالصاروخ وبدأت الشمس رحلة الغروب، تجذب الظل والنسمات الرطبة، والأطفال إلى منازلهم.

الأوغاد أضاعوا يومًا كاملاً في التفكير، ولكنها فكرتى أنا من يستحق العقاب على سماحى لهم بالتفكير.

• وجدتها يا زعيم
قطع هُتاف (بسبس) شبكة أفكارى المتسلسلة، فنظرت له وكلى لهفة وأشتياق:
• قول يا (بسبس)
• أحنا نـ ........
• (سمسم) .. ولد يا (سمسم) تعالى هنا، كفاية لعب بقى

سبق السيف العذل يا عزيزي (بسبس)، لقد حان وقت المغادرة.

وهكذا وبعد أن تبادلنا نظرات الأسى وخيبة الأمل، أتجه كل منا إلى منزله، فقفزت معتليًا السور القصير، وأتجهت من فورى إلى باب المنزل، حيث وقفت والدتى تستقبلنى بأبتسامة لم أرتح لها أبدًا، وقبضت على أصابعى تجذبنى للداخل:

• هاه، عملت أيه النهاردة
• ولا حاجة ياماما، كنت قاعد عند السور مش بعمل حاجة

وهى تنظر في عيني مدققة متشككة، وكأنها تنتزع منى أعترافاً:
• صحيح، آمال مين اللى كان بيحدف ظلط على شباك عمك (سمير)، أيه سكت ليه ..؟

علت وجهى نظرة بلاهة، سرعان ما تحولت إلى إرتعاشة خفيفة:
• مين اللى قالك يا ماما 
وهى تبتسم مصطنعة الغضب:
• يعنى حصل، عمومًا العصفورة قالتلى

هكذا ببساطة ألقت قنبلتها وأنصرفت دون أن تمنحنى فرصة للرد أو المناقشة، لكن هيهات، لست أنا من يستسلم بسهولة، لن تنطلى على عقلى (كعقل زعيم) هذه الخدعة الساذجة.

الحقيقة أن سماعى لحكاية العصفور الواشى هذا لم تكن أول مرة، في البداية كنت أفغر فاهى غير مصدق أو مستوعب، ومع تكرر الأمر صار سخيفاً للغاية، ولم أعد أحتمل، في الأمر خدعة ما، أكاد أقسم بشرف الزعامة، وسأثبت هذا سأثبـــــــــــــــته.

***********
- 4- العصفور 

حسنًا أظنكم تضحكون الآن.. 
لا تنكروا، ومن فضلكم بعض الهدوء.. الأمر بالنسبة لى جاد للغاية.

كل طفل في هذا العالم يعرف تمامًا حكاية العصفور الذى يراقبه سرًا، وينقل كل تصرفاته إلى أهله،
ذلك الواشى الخائن بدلاً من اللعب معنا راح يراقبنا كأجهزة الردار.

وأنا طفل.. طفل عادى مثل كل أطفال العالم، لكننى أختلف في شىء بسيط أننى عبقرى و(زعيم).

لهذا قمت بطرح الأمر فى أول أجتماع لأفراد الفريق لعلى أجد جوابًا مناسباً عند رفاقى.

• عصفور بيتكلم .. أنا مش فاهم ..!
• وبعدين يا (عشوائى) .. وطى صوتك شوية أنا كده حبقى أطرش

يبتسم وهو يحك شعره:
• أوكية يا زعيم .. بس أنا برضه مش فاهم
• ولا أنا يا (سمسم) .. هى الحكاية أيه بالضبط

أدرت رأسى إلى (طاحونة) وقد أطرق برأسه أرضاً:
• وأنت يا (طاحونة) .. يعنى ما أتكلمتش ..؟
• بصراحة .. أنا موافق يا زعيم على كل اللى قلته .. لأن الحكاية دى بتتكرر معايا كل يوم

يمكن القول أن عبارة (طاحونة) الأخيرة قد أثلجت صدرى (ع الأقل عشان البرستيج) فلست وحدى من يتعرض للوشاية من قبل هذا الخائن.

• (طاحونة) .. أنت بتتكلم جد ..! ، فيه عصفور ماشى وراك وبيفتن عليك

يتنحنح ، ثم يقف مستندًا إلى جدار المنزل، ثم يتنهد ولا اللى حيقول سر القنبلة الميردوفيشنية، ويبدأ الحديث:
• الحكاية مش في العصفور يا جماعة، واضح أن في ثقب في الجدار الأمنى بتاعنا

عبارة صاعقة زلزلت كياننا تمامًا (الحق أن كل ما يلفظه هذا (الطاحونة) له تأثير رهيب)، حتى أننى ظللت طوال الليل أفكر في مسألة الجدار المثقوب هذا، وعندما أوشك الديك على الصياح كنت قد وصلت للحل.

***********
- 5 - نحن لا نعرف العصفور.. نحن لم نرى العصفور.. سنقتل العصفور بالطبع

أربعة أشباح تتسلل في ضوء الشمس الوليد على أطراف الأصابع تقترب من السور الخلفى لمنزل الزعيم (سمسم)، هناك شىء ما يحملونه في أيديهم، يبدو كما لو كان ...

• أيوه هنا، أنتشروا بقى ..

عجبًا، ماالذى يفعله هؤلاء الصبية ..!، شىء يبدو كشباك الصيادين يلقونه على أرضية الفناء الخلفى لمنزل الزعيم، كل منهم يُمسك بطرف والتحفز يثب من ملامحه، من أين جاءوا بهذا الشىء ..؟، ثم ما الذي ينثرونه على أرضية الشبكة

في أى شىء يفكرون ومـ ..........

• تفتكر ده كفاية يا زعيم
• ششششش، (عشوائى) أنت كده حتبوظ الدنيا، وطى صوتك لو سمحت

أنتهى الصبية من نثر ما يخيل لى أنه حبوب، آه .. الآن بدأت أستوعب الأمر، يبغون صيد العصفور الواشى، يال خيالهم الجامح.

لكن مهلاً ..، هناك حشد من الطيور يقترب من المصيدة التى أعدوها بالفعل، حشد كبير

• الحق يا زعيم، كل دى عصافير، ده كده الجدار الأمنى بتاعنا كله واقع

حقاً يالهم من أطفال، لقد تصوروا بعقولهم أن ذلك العصفور سهل المنال، لم يتصوروا للحظة أنه أسطورة، أسطورة سُطرت حروفها في زمان ومكان لا يعلم عنهم شىء إلا الله سبحانه وتعالى.

أسطورة ظلت وستظل إلى الأبد، تحتل ركنًا خفياً في عقل كل طفل على ظهر الأرض.

تمت بحمد الله
Read More

Post Top Ad