"أنا مش بحب البلد دي وبكره ناسها كره العمى، من أصغر لأكبر واحد فيها، اللي عايشين واللي ماتوا، اللي بيلعبوا واللي بيشتغلوا، اللي صاحيين واللي نايمين، رجالة وستات وأطفال.. أنا حقيقي بكرهكم كلكم.. يا ولاد الكلب!".
أنتهت الساحرة الشريرة "حلاوتهم" من وضع مقادير خلطتها السحرية الجديدة، فتأملت القدر الكبير الذي تتصاعد منه الأدخنة الملونة بفخر، وعقلها يسترجع ذكريات الكارثة السابقة بعد أن تسبب خطأ صغير في مكونات الخلطة الأخيرة في أرتفاع نسبة المواليد بالمحروسة بدلا من القضاء على حي بولاق الدكرور وإزاحته بكل ما فيه ومن فيه من على وجه البسيطة كما كان من المفترض أن يحدث!
لا تعرف "حلاوتهم" شيئا في هذا العالم غير السحر والآعمال، ليس لديها مكنسة طائرة للأسف لذلك فهي تعتمد على استخدام التكاتك لشراء ما يلزمها من أطعمة وأدوات سحرية، ووحدهم "سائقي التكاتك" كانوا كفيلين بتصاعد رغبتها الملحة في القضاء على كل سكان كوكب الأرض، وليس مصر فقط.
"حلاوتهم" تحتفل نهاية الشهر المقبل بعيد ميلادها الخامس والتسعين، قضت معظمها وحيدة لا تعرف لها أهلا أو أصدقاء أو أقارب أو حتى جيران، عجوز فظة خشنة ملولة، لا تحب إلا نفسها ولو حدث وتقابلتما فهي في الغالب ستقتلك قبل أن تصافحها!
كانت "حلاوتهم" تسكن في عشة خشبية حقيرة أسفل كوبري الشيخ منصور، أحد الكباري المتهالكة على خط مترو أنفاق حلوان - المرج، والذي سقط منذ بضعة أشهر نتيجة الأهمال وغياب أعمال الصيانة، فتضاعف حنقها وغضبها لا سيما بعد أن فقدت منزلها الأثير وأُجبرت على الرحيل إلى مساكن الإيواء البشعة المكتظة بالنسوة البدينات والأطفال المزعجين، والشباب الذين لا يفعلون أي شيء في العالم إلا الشجار وتعاطي المخدرات!
دقائق وتنتهي من إعداد خلطتها الجديدة التي ستقضي بها على كل مظاهر الحياة في uptown cairo، وتحول قاطنيها إلى ضفادع وبط بلدي!